المنبر الاعلامي الحر

ترامب يخضع للإرادة اليمنية بتوقيعه وقف إطلاق النار.. والكيان الصهيوني بات في ورطة عسكرية

ترامب يخضع للإرادة اليمنية بتوقيعه وقف إطلاق النار.. والكيان الصهيوني بات في ورطة عسكرية

يمني برس ـ عليان عليان*

بعد تمكن القوات المسلحة اليمنية من قصف مطار (اللد) المسمى إسرائيليا بن غوريون وتحقيق إصابة مباشرة للمنطقة الثالثة في المطار (terminal 3)، اضطر المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف إلى اختصار مفاوضاته مع المفاوض اليمني بوساطة عمانية، وأن يقدم تنازلاَ كبيراً بقبوله صفقة مؤداها أن تتوقف القوات المسلحة اليمنية عن قصف البوارج الأمريكية، مقابل وقف القصف الأمريكي للمدن اليمنية، دون اشتراط توقف القوات اليمنية عن استهداف السفن المتوجهة إلى ميناء أم الرشراش المحتل (إيلات) ودون اشتراط أن تتوقف اليمن عن قصف الكيان الصهيوني دعماً للمقاومة في قطاع غزة.

هذا الاتفاق وقع كالصاعقة على رأس الحكومة اليمينية المتطرفة بقيادة نتنياهو، التي لم تكن بصورة المفاوضات الجارية في مسقط، وجعلها تتخبط في تصريحاتها، ما دفع نتنياهو لأن يقول بعصبية سنستمر في قصف اليمن لوحدنا، رداً على قصف اليمن للمنشآت الاستراتيجية الإسرائيلية، ولسان حال الإدارة الأمريكية يقول بوضوح لنتنياهو: “عليك أن تقلع شوكك بيديك في البحر الأحمر، لأنه لا قبل لنا بالاستمرار في مواجهة اليمنيين، الذين لا يكترثون لضرباتنا، بعد أن خاضوا حرب استنزاف حقيقية ضد بوارجنا الحربية وأوقعوا فيها خسائر كبيرة”.

كما أثار الاتفاق دهشة واستغراب كافة المراقبين العسكريين في العالم، لا سيما أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كان قد توعد حركة أنصار الله في منتصف شهر مارس الماضي بتدميرها وصب نار جهنم عليها/ والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ما الذي دفع الإدارة الأمريكية لتوقيع الاتفاق مع صنعاء؟

وفي التقدير الموضوعي، ومن واقع قراءة كبريات الصحف الأمريكية والتسريبات التي حصلت عليها، فإن لحس ترامب لتصريحاته العنترية، والقبول بشروط الإذعان التي فرضتها اليمن يعود إلى ما يلي:

1-إدراك ترامب بأن الصواريخ اليمنية الباليستية وخاصةً الفرط صوتية بسرعة (16 ماخ) التي مسخرت منظومة ثاد الاعتراضية الأمريكية، وبقية منظومات الردع الصهيونية من حيتس إلى أروز إلى مقلاع داوود إلى القبة الحديدية، وأصابت مطار اللد، قادرة على ضرب كافة القواعد الأمريكية في المنطقة، ما يؤدي إلى إحراج أكبر قوة عسكرية في العالم.

2- الخسائر الكبيرة التي لحقت بالولايات المتحدة علىصعيد القتلى والجرحى من قوات المارينز، جراء استهداف القوات المسلحة اليمنية بشكل شيه يومي لحاملة الطائرات الأمريكية ”هاري ترومان” والقطع البحرية التابعة لها، بالصواريخ الباليستيةوالمجنحةوبعشرات الطائرات المسيرة.

وقد كشف تقرير استقصائي لموقع” ذا إنترسبت” عن تكتّم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على عدد القتلى والجرحى الأمريكيين في الحرب على اليمن، وسط اتهامات بالتستر وخرق الدستور، وتزايد المطالبات بالمحاسبة داخل الكونغرس

3- أن حاملة الطائرات التي أثخنت من الضربات اليمنية، باتت على وشك الخروج من الخدمة ولم يعد بالإمكان إعادة تأهيلها في البحر الأحمر، خاصةً بعد أن سقطت طائرة ف 18 من على سطحها، بعد جنوحها في إطار مناورة لها لتجنب الصواريخ اليمينة.

4- فشل طائرات التجسس الأمريكية في اختراق سماء اليمن والبقاء فيها، بعد أن تمكنت المضادات اليمنية من إسقاط حوالي 17 طائرة مسيّرة أمريكية من طراز “إم كيو-9” ريبر منذ بدء حملة القصف الأمريكية، بعدما شن جيش الاحتلال الإسرائيلي الحرب على غزة في السابع من أكتوبر2023 ، ومن ضمن هذا الرقم من الطائرات المسيرة ، إسقاط(8) طائرات منذ أن أطلق الرئيس الأمريكي حملته العسكرية الجديدة على اليمن في 15 مارس الماضي تحت مسمى (الراكب الخشن) تبلغ تكلفتها عشرات الملايين من الدولارات.

5- الكلفة المالية للحرب على اليمن في عهد الرئيس ترامب تجاوزت (3) مليارات دولار في غضون أقل من شهرين، ووفقاً لدائرة أبحاث الكونغرس، تبلغ تكلفة المسيّرة الواحدة من طراز “إم كيو-9” ريبر 30 مليون دولار، وتقدر قيمة خسارة أكثر من 17 طائرة من طراز “إم كيو-9” ريبر بأكثر من 530 مليون دولار، وقد أطلقت الولايات المتحدة 155 صاروخاً قياسياً على اليمن حتى أغسطس 2024، تتراوح تكلفة تصنيع الصواريخ القياسية بين مليوني دولار و12 مليون دولار للوحدة.

وبحسب الكاتب جيم فين من مؤسسة هيريتيج الأمريكية، فإن الولايات المتحدة – اعتباراً من أغسطس 2024، أطلقت 125 صاروخاً من طراز توماهوك، وهو ما يمثل أكثر من 3% من ترسانتها من صواريخ توماهوك، على الحوثيين.

ورغم هذه التكلفة العالية للحملة التي شملت استهداف 1000 هدف حتى الآن، أقرّ مسؤولون في البنتاغون، بأن النجاح في تدمير ترسانة الحوثيين الضخمة من الصواريخ والطائرات بدون طيار والقاذفات كان محدوداً إلى حد كبير.

أبعاد انسحاب واشنطن من المواجهة في البحر الأحمر

لقد انطوى انسحاب واشنطن من المواجهة مع اليمن، في على أبعاد هامة أبرزها:

1- إن ميزان القوى ليس هو الشرط الحاسم في تحقيق الانتصارات، وأن الإرادة المستندة إلى العقيدة وإلى الاستعداد للتضحية تلعب دوراً حاسماً في هزيمة العدو بالنقاط، من خلال رفع الكلفة البشرية والمادية لقوى الخصم.

2- أنه لأول مرة تجرؤ قوة إقليمية في العالم (اليمن) على تحدي دولة عظمى، وتجرؤ على ضرب الأرمادا البحرية الأمريكية بالصواريخ والمسيرات، منذ الحرب العالمية الثانية وحتى اللحظة الراهنة، وهذا درس لقوى التحرر في العالم الساعية للتحرر من الهيمنة الأمريكية.

3- أن الأمريكي – كما قالت القيادة اليمنية – “تدخّل وحشر نفسه في هذه الحرب، ودخل بها بإرادته وها هو يخرج منها اليوم بإرادتنا، ودخل بها دعمًا للكيان، والآن أبدى استعداده بوقف استهدافه المنشآت اليمنية، وعدم التدخل فيما يخص حماية السفن الإسرائيلية”.

4- أن الكيان الصهيوني بات وحيداً في مواجهات البحر الأحمر، وأن دولة عظمى بحجم الولايات المتحدة تستجدي سلطنة عمان، لأن تتدخل لإقناع حركة أنصار الله للدخول في مفاوضات بشأن وقف إطلاق النار بين الجانبين، دون اشتراط توقف اليمن عن استهداف السفن المتوجهة إلى ميناء إيلات، أو توقفه عن المشاركة العسكرية في معركة الدفاع عن غزة.

5- إعلان ترامب شكل اعترافا غير مباشر بقوة الردع اليمنية، وفشل العقوبات الاقتصادية والعقوبات العسكرية في تغيير موقف صنعاء، وقد تبدى ذلك في تصريحه الذي جاء فيه: “الحوثيون أظهروا قدرة على تحمّل الكثير من الضربات، كان لديهم الكثير من الشجاعة، لقد أعطونا كلمتهم بأنهم لن يهاجموا السفن مجددًا، ونحن سنحترم ذلك”.

6- أن هذا الاتفاق أجبر دول الإقليم على الاعتراف بسلطة أنصار الله في اليمن، من خلال مباركتها للاتفاق ما بين ما أسمتها السلطة الحاكمة في صنعاء وبين الولايات المتحدة، ما يعني سحب البساط تدريجياً من تحت أرجل الحكومة اليمنية العميلة القابعة في الرياض.

وأخيراً نشير إلى أن البعد الأهم لتوقيع وقف إطلاق النار بين صنعاء وبين الولايات المتحدة في البحر الأحمر، يتمثل في أن المخزون والجهد العسكري لليمن الذي كان موجهاً للقطع الحربية الأمريكية في البحر الأحمر وللكيان الصهيوني، أصبح في مجمله موجهاً للكيان الصهيوني ما يزيد من فعالية الضربات الصاروخية كماً ونوعاً للمواقع الاستراتيجية الإسرائيلية دعما لقطاع غزة، ومن أجل وقف حرب الإبادة الجماعية الصهيو أمريكية على أبناء القطاع.

 

* كاتب فلسطيني

* المقال نقل من موقع رأي اليوم ويعبر عن وجهة نظر الكاتب

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com