المنبر الاعلامي الحر

العفافيش.. ثلاثة عقود من الخيانة وبيع الوطن

العفافيش.. ثلاثة عقود من الخيانة وبيع الوطن

يمني برس – بقلم – أحمد قحيم
في ذاكرة اليمن السياسي، يظل اسم الهالك علي عبدالله صالح وجناحه العفاشي في المؤتمر الشعبي العام رمزًا صارخًا للفساد والعمالة والخياشنة، ونموذجًا حيًا لمن باع الوطن وخيراته للمستعمرين والقوى الأجنبية، وجعل اليمن حقلًا للنهب والاستغلال، مقابل التمسك بكرسي السلطة، متجاهلًا حقوق شعبه وسيادته الوطنية.
ثلاثة وثلاثون عامًا من الحكم لم تثمر سوى التبعية المطلقة، نهب الثروات، وانحدار الاقتصاد، وفتح بوابات التطبيع مع العدو الصهيوني، وصولًا إلى المشاركة في تحالف العدوان على اليمن عام 2015.
منذ عام 1978، أحكم عفاش قبضته على البلاد عبر شبكة ولاءات قبلية ومصالح ضيقة، وحوّل المؤتمر الشعبي العام إلى واجهة سياسية لحكم الفرد، بينما كانت خيرات اليمن تُستنزف بلا رحمة: النفط والغاز يُباعان بصفقات سرية، الموانئ تُؤجر لشركات أجنبية بأثمان بخسة، الديون تتضاعف، والاقتصاد الوطني ينهار، فيما كانت العائلة الحاكمة تنعم بالثراء الفاحش على حساب معاناة الشعب.
لم تقتصر خيانة العفافشة على الاقتصاد، فقد حولوا الأجهزة الأمنية إلى أدوات قمع ضد الشعب، وفتحوا الأبواب أمام الوصاية الأمريكية والسعودية تحت شعار “التعاون الأمني”، بينما كان القرار السيادي يُتخذ في أروقة السفارة الأمريكية وقصور آل سعود.. وحتى قضية فلسطين، التي رفعوا شعارات التضامن معها، لم تمنعهم من نسج خيوط التطبيع في الخفاء من خلال لقاءات سرية مع مسؤولين إسرائيليين في عمّان عام 1995، وصفقات غاز عبر وسطاء مرتبطين بشركات إسرائيلية، واتصالات غير مباشرة مع رجال أعمال صهاينة للاستثمار في موانئ البحر الأحمر.
أما الأمن والسيادة فحدث ولا حرج، فقد كان لعفاش فيها صولات وجولات، الاتفاقيات الأمنية مع واشنطن سمحت للطائرات الأمريكية بدون طيار بانتهاك الأجواء اليمنية واغتيال مواطنين يمنيين، واتفاقية جدة عام 2000 تنازل فيها عن أراضٍ يمنية لصالح السعودية، أما إعطائه الضوء الأخضر للغارات الجوية السعودية في صعدة عام 2009 فلم يكن إلا حلقة أخرى في سلسلة الخيانة الطويلة. .
والإمارات هي الأخرى لم تكن بعيدة عن غنائم العفافشة، فقد أُعطيت إدارة ميناء عدن في 2008، محطمين بذلك الاقتصاد الوطني، ومعطّلين أي مسار لتحسين مستوى حياة المواطن اليمني.
مع ثورة فبراير 2011، انهارت واجهة النظام، لكن المبادرة الخليجية أعادت الحياة لعفاش والعفافشة ومنحتهم حصانة، لتبدأ مرحلة جديدة من التخطيط لاستعادة السلطة بأي ثمن، حتى لو كان التحالف مع أعداء اليمن المباشرين.. وفي 2015، حين فشلوا داخليًا في إسقاط ثورة 21 سبتمبر، انضموا علنًا لتحالف العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي، مقدمين المعلومات الاستخباراتية ومهيئين الممرات للقصف والحصار وتجويع الشعب اليمني.
في المقابل، برز الجناح الوطني داخل المؤتمر الشعبي العام، ثابتًا في الموقف، رافضًا الارتهان، ومتحالفًا مع الجيش وكل القوى الوطنية.. مشاركًا في إدارة الدولة وتعزيز الجبهة الداخلية، ورافعًا شعار الدفاع عن صنعاء والقدس كقضية واحدة، ضد المشروع الأمريكي الصهيوني.
هنا نجد أنفسنا أمام هذا السؤال الكبير: أين ضاعت ثروات اليمن؟! فـ33 سنة من الإهمال والفساد جعلت اليمن رغم ثرواته الطبيعية والمعادن والنفط والغاز والثروة السمكية والفواكه من أفقر بلدان العالم العربي، يعيش أكثر من 30 مليون نسمة حالة بؤس وفقر، فيما قصور وفلل عائلة عفاش منتشرة في كل مكان، من صنعاء إلى عدن، بل وحتى في الإمارات وصولا إلى أوروبا.
أم أن المواطن اليمني سيصدق أن منح الطرق والكهرباء والمدارس والمستشفيات كانت “إنجازًا”؟! فهي مجرد شَحْت واسترزاق، أما مؤسسات الدولة الحقيقية، فكانت أدوات لتثبيت حكم الفرد ونهب الموارد، لا لخدمة الشعب.
اليوم، ومع كل المحاولات المستمرة لتحسين صورة العفافشة، يبقى الشعب اليمني واعيًا وحذرًا، يدرك أن جناح عفاش لم يكن يومًا إلا خنجراً في خاصرة الوطن، وأن أي تزيين أو تحسين لصورته لن يمحو التاريخ الملطخ بالعمالة والفساد.
وفي المقابل، يثبت المؤتمر الوطني المقاوم أن الانتماء الحزبي يجب أن يخضع للمصلحة العليا للوطن، وأن اليمن الحر لن يعود إلى زمن الارتهان، فثورة 21 سبتمبر قلبت الموازين وربطت مصير اليمن بمصير فلسطين، لتصبح مواجهة المشروع الأمريكي الصهيوني أولوية وطنية، فيما يبقى جناح عفاش شاهدًا حيًا على أن الخيانة لا تصنع إلا الخراب، وأنها مهما تزيّنت، ستظل خيانة.

قد يعجبك ايضا