آلاء النجار.. لوعة قلب لتسعة
يمني برس || مقالات رأي :
لو تحدثنا عن ويلات البلدان التي تتجرع مرارة الحرب وتئن تحت وطأتها لكان حديثًا لا ينتهي، وقصصًا لا تنضب من الوجع والدموع، لكن عندما تكون غزة هي التي غاصت في أعمق قاع الألم، فهذا ما مزق فكري، وفتت فؤادي، وجعلني أسيرة شعور يمزق الروح، يفوق كل وصف، لشدة قسوته وفداحة مصابه الذي لا يطاق.
ففي القطاع المحاصر حيث كل زاوية تصرخ قصة دم، وصمت عربي مطبق يخرس الأنفاس، وحيث الأشلاء المتناثرة أصبحت هي المشهد ذاته، هناك تتجلى قصة الدكتورة آلاء النجار التي فقدت تسعة أرواح في فاجعة لا توصف، ومصاب أليم مزق قلبها اربًا.. فما بين ليلة وضحاها رحلوا تاركين خلفهم قلب أم يذوب احتراقًا ولوعة دامية لا تعرف للنوم سبيلًا.
فعلى إثر غارة إسرائيلية غادرة، زهقت أرواح بريئة، وأُغتيل بريق ابتسامتهم، وأُخرست ضحكاتهم إلى الأبد، رحلوا بعد أن أنهكهم الجوع حتى العظم، ونال منهم العجز حتى اليأس، وطال عمر المعاناة حتى الموت، تاركين خلفهم مرارة طوابير الماء وعناء البحث عن لقمة عيش لم يظفروا بها، حتى في لحظاتهم الأخيرة.
رحلوا جميعًا في لحظة واحدة، مخلفين وراءهم أمًا ثكلى لا تجف لها دمعة، ولا يهدأ لها بال، رحلوا وفي دواخلهم صرخة مكتومة، وثأر سرمدي يغلي في الصدور على من خذلهم، وعلى من أجرم بحقهم، وعلى كل يد تلطخت بهذا النزيف الذي لا يتوقف….. والذي لن يُنسى.
رحل التسعة تاركين تلك الأُم التي نذرت حياتها للآخرين وحيدة، تائهة في أروقة الحياة، تتخبط هنا وهناك، باحثة عن طيف يشبههم، عن ذكرى لا تموت.
رحلوا وتركوا لها إرثًا من العزة، وبركانًا من الانتقام تشتد جذوته كلما رأت أجسادًا متفحمة، وأشلاء تنام على الأرض، لتصرخ في صمتها: متى ينتهي هذا الجحيم؟
بقلم/ رويدا البعداني*