اليمن يزلزل العالم في المولد النبوي: حشود مليونية، صمود أسطوري، وصدى غزة من كلمة السيد القائد
في مشهد مهيب يعكس عمق الارتباط الروحي والتاريخي، خرج ملايين اليمنيين اليوم الخميس، الثاني عشر من ربيع الأول 1447هـ، في حشود غير مسبوقة تجاوزت العشرين ساحة مركزية في مختلف محافظات الجمهورية، لم تكن هذه الاحتفالات مجرد مناسبة دينية تقليدية، بل تحولت إلى رسالة سياسية واضحة، تؤكد صمود الشعب اليمني وتأييده المطلق للقضية الفلسطينية، وتحديدًا لغزة الصامدة، رغم ما تعرض له اليمن من ويلات وحصار واستهداف لقياداته، وقد تكللت هذه الاحتفالات بكلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، التي أضفت بعدًا استراتيجيًا وعمقًا إيمانيًا على هذه التظاهرة المليونية.
يمني برس | خاص
سيول بشرية تحتفي بمولد خير البرية: تفرد يمني وصدى عالمي
شهدت العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية، مثل حجة (بساحتيها في المدينة وعبس)، وذمار، وإب، وتعز، ومأرب، والجوف، والضالع، والبيضاء، والمحويت، وعمران، والحديدة (بساحتيها في الحسينية والمدينة)، وصعدة، تدفقًا بشريًا هائلاً، وصفه المراقبون بأنه سيولاً بشرية غير مسبوقة، هذه الحشود المليونية، التي ضمت رجالاً ونساءً، أظهرت مدى الارتباط العميق للشعب اليمني بنبيه الكريم، ومدى تمسكهم بقيمه ومبادئه.

وقد أكد السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي على هذا التفرد اليمني في كلمته، قائلاً: “هذا الإحياء للمولد النبوي في اليمن لا مثيل له في الأرض، شاهد على قوله صلى الله عليه وآله: الإيمان يمان والحكمة يمانية”، وأشار إلى أن الشعب اليمني يحيي هذه المناسبة عرفانًا للنعمة وشكرًا لله، وفرحًا وابتهاجًا بفضله ورحمته، وأن هذا الإحياء يمثل إحباطًا لكل المساعي الرامية لفصل الأمة عن الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم .
إن الاحتفال بالمولد النبوي في اليمن ليس مجرد طقس ديني، بل هو

تعبير عن هوية راسخة، وعن إيمان لا يتزعزع، وعن وحدة شعبية تتجاوز الانقسامات السياسية والجغرافية. لقد أثبتت هذه الحشود
أن محبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قلوب اليمنيين هي محبة حقيقية، تتجسد في الالتزام بمنهجه وسلوكه، الذي يدعو إلى
الوحدة بدلاً من الفرقة، والعلم بدلاً من الجهل، والعزة بدلاً من الذلة، والقوة بدلاً من الضعف، والعمل الصالح بدلاً من العمل السيئ، إن هذه الحشود تعكس أيضًا رفض الشعب اليمني لمحاولات تشويه الإسلام أو

فصله عن قضايا الأمة المصيرية، وتؤكد أن الإسلام المحمدي الأصيل هو دين الرحمة والعدل والمقاومة .
المولد النبوي: تجديد للعهد بالقيادة النبوية ومواجهة الظلم
تُعد ذكرى المولد النبوي الشريف في اليمن مناسبة لتجديد العهد بمنهج القيادة النبوية، واستلهام الدروس والعبر منها لمواجهة تحديات العصر، وبناء مستقبل مشرق للأمة، قائم على مبادئ الإسلام السمحة، فالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن مجرد قائد ديني، بل كان قائدًا سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، أسس لدولة تقوم على العدل والمساواة،

حيث لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى.
وقد ربط السيد القائد بين هذه المناسبة وبين الواقع الراهن للأمة، مؤكدًا أن مناسبة المولد النبوي الشريف تأتي هذا العام في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بدعم أمريكي، واصفًا ما يحدث بـ “جريمة القرن وفضيحة العصر المخزية للمتخاذلين”.
وشدد على أن معاناة الشعب الفلسطيني تعاظمت جراء الحصار والتجويع، حتى وصلت إلى حد منع حليب الأطفال عن الرضع، في

وقت يواصل فيه العدو الإسرائيلي انتهاكاته اليومية للمسجد الأقصى المبارك ولأراضي الضفة الغربية .
إن هذه الاحتفالات المليونية تبعث برسالة واضحة مفادها أن الشعب اليمني، من خلال تمسكه بذكرى مولد نبيه، يؤكد على رفضه للظلم والاستبداد، وعلى استعداده للتضحية في سبيل الحق والعدل، وهذا يتجلى بوضوح في موقفهم الثابت تجاه القضية الفلسطينية، ومساندتهم لغزة، التي تتعرض لأبشع أنواع العدوان والإجرام الصهيوني الأمريكي الغربي .

اليمن وغزة: امتداد لروح الأنصار وثبات على الحق
إن موقف اليمن المشرف والمساند لغزة ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لدور تاريخي أصيل للشعب اليمني، الذي كان أجداده الأنصار أول من نصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وآواه، ووقف معه في بناء الدولة الإسلامية، فكما نصر الأنصار النبي في أحلك الظروف، يقف اليوم أحفادهم في اليمن لنصرة المستضعفين في غزة، رغم ما تعرضوا له من قتل لوزرائهم وقياداتهم، ورغم الحصار والعدوان الذي يواجهونه .

وقد أكد السيد القائد على أن الشعب اليمني يذكّر الأمة بأمجاد أجداده من الأنصار الأوائل الذين حملوا راية الإسلام يوم تخلى عنها الآخرون، مؤكدًا أن أحفاد الأنصار اليوم يحملون الراية عاليًا، سندًا للمستضعفين من المسلمين، وتصديًا للطغاة الكافرين وأعوانهم المنافقين.
كما جدد التأكيد على ثبات الموقف في نصرة الشعب الفلسطيني، داعيًا أصحاب الضمائر الحية في العالم إلى التحرك الجاد لمنع الإجرام الصهيوني الذي يمارس الإبادة الجماعية والتجويع بحق الفلسطينيين .

إن هذه التضحيات الجسيمة التي يقدمها اليمن، تؤكد على أن الثبات على المبدأ هو السبيل للنصر مهما كانت شدة العداء، فالشعب اليمني يدرك أن الصراع مع قوى الظلم ليس مجرد خلاف سياسي، بل هو صراع عقائدي واقتصادي وسياسي واجتماعي، يهدف إلى تركيع الأمة وسلب إرادتها، ولذلك، فإنهم يتمسكون بمنهج النبي في مواجهة العداء، وهو منهج الثبات على المبدأ، والصبر الطويل، والعمل المنظم، والدعاء والاستعانة بالله .
رسالة الحشود المليونية وكلمة السيد القائد: وحدة، صمود، وتحدي

لقد بعثت هذه الحشود المليونية برسائل متعددة، داخلية وخارجية، عززتها كلمة السيد القائد:
رسالة داخلية: تؤكد على وحدة الصف اليمني، وتماسكه حول قيادته، ورفضه لكل محاولات التفرقة والفتنة التي تهدف إلى تمزيق الأمة وتفريق صفوفها، كما أنها تعزز روح الانتماء والوحدة بين أفراد المجتمع، من خلال التفاعل والاهتمام بإقامة الندوات والفعاليات، وتزيين المنازل والشوارع .

رسالة خارجية: توجه رسالة قوية إلى قوى الاستكبار العالمي، مفادها أن الشعب اليمني شعب حر أبي، لا يركع إلا لله، ولا يساوم
على مبادئه وقيمه، كما أنها رسالة دعم وتأييد لغزة الصامدة، تؤكد أن القضية الفلسطينية هي قضية مركزية في وجدان الشعب اليمني، وأنهم لن يتخلوا عنها مهما كانت التحديات.
وقد شدد السيد القائد على أن الخطر الرهيب على الأمة الإسلامية يتمثل في استمرارها بالوضعية الخطيرة والمتناقضة مع مبادئها، والتي تؤدي بها إلى الهلاك، مؤكدًا أن طريق النجاة ليس بالتخاذل، بل بتحمل مسؤولية الجهاد ودفع خطر اليهود ودرء فسادهم وإجرامهم، ودعا المسلمين جميعًا إلى إعادة صلتهم بالقرآن اتباعًا واهتداءً، وبالرسول اقتداءً وتأسّيًا، مؤكدًا أن الميزة الأهم لمصداقية الانتماء الإيماني هي الجهاد في سبيل الله .
إن هذه الحشود هي دليل على أن الأمة الإسلامية، رغم كل التحديات، لا تزال قادرة على النهوض، وعلى إحياء قيمها ومبادئها، وعلى مواجهة أعدائها بثبات وصمود، إنها دعوة للعودة إلى جوهر الرسالة المحمدية، التي قامت على أسس الرحمة والعدل والمقاومة، والتي لا تزال قادرة على إخراج البشرية من الظلمات إلى النور، ومن القسوة إلى الرحمة، ومن الجهل إلى العلم .
خاتمة
في الختام، فإن احتفالات ذكرى المولد النبوي الشريف في اليمن، بهذه الحشود المليونية وكلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، لم تكن مجرد احتفالات دينية، بل كانت تظاهرة شعبية كبرى، حملت في طياتها رسائل عميقة من الصمود والثبات والتأييد للقضية الفلسطينية، لقد أثبت الشعب اليمني، من خلال هذه الاحتفالات، أنه شعب حي، متمسك بدينه وقيمه، وقادر على مواجهة التحديات، وتقديم التضحيات في سبيل الحق والعدل. إنها مناسبة لتجديد العهد بمنهج النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، الذي هو منهج الرحمة والعدل والمقاومة، والذي يمثل السبيل الوحيد لنهضة الأمة وتحقيق عزتها وكرامتها في هذا العصر.