الباحث والمفكر جهاد سعد: التلاعب بالمفردات حرب صهيونية قديمة وخطاب السيد القائد رد قرآني أصي
يمني برس | شدد الباحث والمفكر السياسي الدكتور جهاد سعد أن ما يشهده اليمن من وعي شعبي وثقافة قرآنية متجذرة يجعله اليوم أكثر وضوحًا في الرؤية السياسية والمصيرية من كثير من الأنظمة والنخب في العالم العربي والإسلامي، موضحًا أن القيادة اليمنية استطاعت أن تبني موقفها السياسي على أساس إيماني قرآني يستلهم من سيرة الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم ويواجه التحديات المعاصرة دون انبهار أو تبعية للغرب.
وأوضح سعد في مداخلة على قناة المسيرة الفضائية أن هذا الوضوح اليمني ناتج عن بصيرة قرآنية أصيلة حررت العقل اليمني من شبكات الإعلام وغسيل الوعي ومنصات التوجيه المشبوهة، كما أعادت ربط الدين بمسؤوليات الواقع ربطًا صادقًا وعميقًا بعيدًا عن أي فصام بين العقيدة والسياسة.
وأضاف أن اليمن اليوم يمثّل حجة على العرب والمسلمين لأنه قدّم نموذجًا نقيًا في فهم الدين، قائمًا على مقاومة الاستكبار، وعلى عدم الانبهار بما يقدّمه الغرب من شعارات خادعة، بل الانتقال من حالة الانبهار إلى التحقير الواعي لهذا المشروع التوحشي الذي يرتدي ثوب الحضارة فيما هو في جوهره مجرد استعباد وهيمنة.
وبيّن أن الغرب الذي أنشأ داعش ومول الحروب والصراعات في المنطقة يمثل النسخة الحديثة من التوحش، معتبراً أن من العار أن نستلهم منه أو ننتظر منه حلولًا أو وساطات، خصوصًا في ظل ما يجري اليوم في غزة من مجازر وجرائم إبادة يرتكبها الكيان الصهيوني بغطاء أمريكي وغربي كامل.
وحول الصراع مع الكيان الصهيوني شدد الدكتور سعد على أن العدو لا يمكن مواجهته إلا بمنطق القوة والمواجهة المباشرة، لافتًا إلى أن هذا الكيان لا يفهم إلا منطق القوة، وهو امتداد لمدرسة دينية محرّفة تؤمن بألوهية العجل وتعبد المال والسلطة والشهوة، لا الله سبحانه وتعالى.
وأشار إلى أن اليهودي الصهيوني خلق إلهاً يشبهه، إلهاً عنصريًا غاضبًا متوحشًا، يبرّر له القتل والسبي وسرقة الأرض، مبينًا أن هذه عقيدة استكبار لا يمكن محاورتها، بل لا بد من مواجهتها كما واجهها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين لم يتسامح مع خيانات بني قريظة وغيرها من القبائل اليهودية التي تآمرت عليه.
كما أكد أن الصهيونية الحديثة ليست سوى وظيفة غربية تستهدف إنهاك الشرق وتمزيق الأمة ومنع التنمية، موضحًا أن الغرب أعطى الصهاينة دورًا واضحًا يتمثل في زرع الفتن واستنزاف مقدرات الأمة وشق صفوفها ومنع أي مشروع نهضوي مستقل.
واستشهد سعد بآيات قرآنية صريحة تكشف سلوك اليهود في تحريف الكلم عن مواضعه والغدر ودعم المشركين والتآمر على الرسالات الإلهية، مبيّنًا أن القرآن خاض أول معركة ثقافية ضد الغزو اليهودي للغة وضد محاولاتهم تشويه الوعي الإسلامي من الداخل.
وأوضح أن اليهود بدأوا حربهم من خلال التلاعب بالمفردات، وأننا اليوم نراهم يفرضون كلمات مثل “السلام” و”التطبيع” كجزء من عملية غسل الوعي العربي، تمامًا كما حاولوا تمرير كلمة “راعنا” في عهد النبي لإخفاء سبّة عبرية خلف كلمة عربية، مشددًا على أن ذات المعركة تتكرر ولكن بأدوات إعلامية حديثة.
وفي تعليقه على تصريحات السفير الأمريكي في كيان العدو الذي قال إن الحرب في غزة “دينية” ولا مجال للحياد فيها، اعتبر سعد أن هذا الخطاب محاولة لشد الصف اليهودي داخليًا وتجنيد مزيد من المتدينين في جيش الاحتلال الذي يعاني من الإنهاك والهزائم.
ولفت إلى أن الخطاب الديني الذي يستخدمه الصهاينة ليس إيمانًا حقيقيًا وإنما توظيف انتهازي للدين من أجل أهداف دنيوية، مضيفًا أن هؤلاء يوظفون الله لخدمة السلطة لا العكس، مؤكدًا أن خطاب السيد القائد في المولد النبوي يمثل خطابًا قرآنيًا أصيلًا يحاكي البعد الإيماني في الصراع ويضع الأمة أمام مسؤوليتها الدينية والتاريخية.
وأشار كذلك إلى أن المعركة الدائرة اليوم في غزة تتجاوز الطابع العسكري وتخفي وراءها صراعًا استراتيجيًا حول ثروات البحر المتوسط، مبيّنًا أن المشروع الغربي الصهيوني يسعى لنهب الغاز والنفط في المنطقة، تمامًا كما قال ترامب سابقًا حين أعلن أنه سيحوّل غزة إلى “ريفييرا” منزوعة السلاح والسيادة.
وأضاف أن الصهاينة يريدون تطهير الأرض من أهلها لتهيئتها للاستثمار الغربي وتوظيف ثرواتها في الصراع القادم مع الصين ومحور الشرق، موضحًا أنها حرب موارد تُدار تحت غطاء ديني ولكن أهدافها استعمارية بامتياز.
وشدد في الختام على أن كل من يرفض المقاومة أو يروّج للسلام مع الكيان الصهيوني لا يدرك طبيعة هذا الكيان ولا يعلم حجم التهديد الذي يشكله على الأمة، داعيًا إلى تحرير الخطاب الديني من الخضوع السياسي والانتصار للقرآن والسيرة النبوية كمصادر وعي ومقاومة حقيقية.
وأكد أن المعركة معركة وجود وليست مجرد أزمة حدود، لافتًا إلى أن الصمت عنها أو تبني الحياد هو خيانة للرسالة المحمدية، موضحًا أن القرآن رسم خارطة المواجهة وعلى الأمة أن تختار: إما أن تنصر الله أو تنصر أمريكا و”إسرائيل”.