المنبر الاعلامي الحر

حزب الإصلاح: ثلاثة عقود من الخيانة.. خنجر سعودي في خاصرة اليمن

منذ تأسيسه في 13 سبتمبر 1990، يُثير حزب التجمع اليمني للإصلاح جدلاً واسعاً في المشهد السياسي اليمني، نشأ الحزب كامتداد فكري لجماعة الإخوان المسلمين وبدعم سياسي ومالي مباشر من المملكة العربية السعودية، وهو ما جعله في نظر الكثير من المحللين “ذراعاً سعودياً” أكثر من كونه حزباً نابعاً من قاعدة شعبية يمنية خالصة، ورغم أن الحزب حاول لاحقاً نفي ارتباطه التنظيمي بالإخوان، إلا أن جذوره الفكرية وتحالفاته ظلت تشير إلى هذا الارتباط.

يمني برس | تقرير 

التآمر على الوحدة وتعميق الانقسامات
لم يكد يمر وقت طويل على تأسيسه حتى بدأ حزب الإصلاح بلعب أدوار محورية في الأزمات السياسية التي عصفت باليمن، ففي انتخابات عام 1993، دخل الحزب في تحالف ثلاثي مع المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني، لكن سرعان ما استغل هذا التحالف للتآمر على شريكه الاشتراكي واختراق مؤسسات الدولة، حيث لعب دوراً رئيسياً في تعميق الخلافات التي أدت إلى اندلاع حرب صيف 1994 الأهلية.

خلال تلك الفترة، أصدر القيادي البارز في الحزب، عبد الوهاب الديلمي، فتوى شهيرة كفّرت الجنوبيين وأباحت دماءهم، والتي تم بثها عبر إذاعة صنعاء الرسمية، هذه الفتوى، التي وُثقت في أرشيف البرلمان اليمني وتقارير إعلامية، اعتبرت غطاءً دينياً لحرب سياسية، وساهمت في تأجيج الصراع وإضفاء شرعية زائفة على العنف.

استغلال الدين والفساد الممنهج
تحت ستار التدين، مارس حزب الإصلاح الفساد والمحسوبية بشكل واسع داخل مؤسسات الدولة التي تغلغل فيها، خاصة في قطاعي التعليم والأمن، تحول الحزب إلى نموذج للكيانات التي تتاجر بالدين لتحقيق مصالح دنيوية، حيث استخدم نفوذه لنهب الموارد وتوزيع المناصب على عناصره.

ولم تقتصر ممارساته على الداخل اليمني، بل امتدت لتشمل القضية الفلسطينية التي حوّلها إلى أداة لتحقيق مكاسب حزبية، سيطر الحزب على جمعيات خيرية كانت تجمع التبرعات لفلسطين، مثل “الهيئة الخيرية للإغاثة”، والتي خضعت لتحقيقات رسمية في منتصف التسعينيات بتهمة اختلاس أموال مخصصة للفلسطينيين.

كما أشار تقرير للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عام 1997 إلى وجود وثائق مزورة باسم جمعيات في غزة، مما كشف عن خيانة مزدوجة: خيانة لليمنيين الذين تبرعوا من قوت يومهم، وخيانة للفلسطينيين الذين حُرموا من حقهم.

من ادعاء نصرة فلسطين إلى تبرير التطبيع
لسنوات طويلة، قدّم الإصلاح نفسه على أنه “صوت فلسطين” في اليمن، لكن هذا الشعار سرعان ما تلاشى مع تغير المواقف السياسية. ففي الوقت الذي خرج فيه ملايين اليمنيين في مسيرات حاشدة نصرةً لغزة، واجه الحزب هذه المظاهرات بالتشويه، معتبراً إياها “دعاية حوثية”.

والأكثر من ذلك، شهدت السنوات الأخيرة تحولاً جذرياً في خطاب الحزب تجاه إسرائيل، فابتداءً من عام 2018، ظهرت شخصيات إصلاحية على قنوات إعلامية غربية وصهيونية لتبرير التطبيع، وفي عام 2020، صرحت القيادية في الحزب، توكل كرمان، بأن التطبيع قد يكون “خياراً مشروعاً”.

ورغم أن الحزب أصدر بيانات تندد باتفاقيات التطبيع التي وقعتها الإمارات، واصفاً إياها بـ “الجناية التاريخية”، إلا أن تصريحات بعض قياداته وظهور كوادره على قنوات صهيونية كشفت عن تناقض صارخ، وحولت الحزب من رافع لشعار القدس إلى طرف متهم بالمتاجرة بالقضية في سوق السياسة الانتهازية.

شريك في العدوان على اليمن
في 26 مارس 2015، ومع انطلاق عملية “عاصفة الحزم” بقيادة السعودية، كان حزب الإصلاح من أوائل المباركين والداعمين للتدخل العسكري الخارجي، وقد شارك قادته في حكومة المنفى التي طالبت بهذا التدخل، وأصدر الحزب بيانات رسمية تؤيد الحرب، منشورة على موقعه “الصحوة نت”.
هذا الموقف المخزي، الذي تم تغليفه بشعارات وطنية زائفة، فتح أبواب اليمن أمام حرب مدمرة، ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، أسفرت الحرب عن مئات الآلاف من الضحايا وملايين النازحين، وتسببت في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، ورغم الكارثة الإنسانية، استمر الإصلاح في تبرير العدوان، مؤكداً شراكته الكاملة في الجريمة التي أغرقت البلاد في الدماء والدمار.

حزب بلا هوية وطنية
بعد أكثر من ثلاثة عقود، يبدو أن حزب الإصلاح قد فقد كل مصداقية وهوية وطنية، لقد نشأ كمشروع خارجي، وعاش على حساب اليمن، واغتنى من فساده ومن دماء أبنائه، خدع الناس بالدين، وابتزهم بقضية فلسطين، ثم باع كل شيء في سوق المصالح السياسية. وما تبقى منه اليوم ليس سوى رمز للعمالة، والانتهازية، والخيانة في تاريخ اليمن الحديث.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com