السعودية تشتري الوهم من تاجر الخداع.. “اتفاقية حماية” جديدة تستجدي الرضا الأمريكي بثمن الكرامة!
السعودية تشتري الوهم من تاجر الخداع.. “اتفاقية حماية” جديدة تستجدي الرضا الأمريكي بثمن الكرامة!
يمني برس | تقارير
في موسم بيع الأوهام الأمريكية، تعود الرياض مجددًا إلى طاولة الخضوع لتوقّع مع واشنطن اتفاقية “دفاعية” جديدة، تقول إنها لحماية المملكة، بينما يعلم العالم بأسره أنها ليست سوى صفقة مالية جديدة لتغذية الخزينة الأمريكية المنهارة.
هكذا تتكرر المسرحية القديمة: واشنطن تلوّح بشبح الخطر، والرياض تُخرج دفتر الشيكات. وبينهما تدور لعبة الابتزاز السياسي والمالي التي جعلت من “الحماية الأمريكية” سلعةً تُباع وتُشترى في مزادات الخوف الخليجي.
واشنطن تبتز.. والرياض تدفع ثمن الوهم
كشفت شبكة “سي بي إس نيوز” أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان سيزور واشنطن في نوفمبر المقبل لتوقيع اتفاقية دفاعية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على غرار الاتفاقية القطرية التي أعقبت العدوان الإسرائيلي على الدوحة.
لكن خلف هذه الزيارة، تختبئ صفقة مالية ضخمة، ستضخ من خلالها السعودية عشرات المليارات إلى الخزينة الأمريكية، تحت عنوان “ضمان الأمن والاستقرار”، بينما الهدف الحقيقي هو شراء غطاء سياسي أمريكي لأي تصعيد قادم، ربما ضد اليمن.
فما تُسمى “اتفاقيات الحماية” لم تكن يومًا سوى غطاء رخيص للابتزاز الأمريكي، وهي اليوم تُستخدم لإعادة واشنطن إلى المشهد الخليجي بعد أن تراجعت مكانتها أمام روسيا والصين وإيران واليمن.
حماية من مَن؟
تاريخ الحماية الأمريكية حافل بالإخفاقات.. حين ضرب الكيان الصهيوني الدوحة، كانت القواعد الأمريكية في العُديد على علمٍ مسبق بالعملية، لكنها لم تحرّك ساكنًا.
لم تُطلق طلقة واحدة لحماية “الحليف”، ولم تصدر واشنطن سوى بيان باهت يدعو إلى “ضبط النفس”، تاركة قطر وحيدة أمام العدوان.
فما الذي يدفع السعودية اليوم إلى تكرار المشهد ذاته؟
الجواب واضح: إنها عقيدة التبعية التي جعلت من الأنظمة الخليجية رهينة الخوف، تسلّم سيادتها طوعًا مقابل شعارات “الضمانات الأمنية”.
لعبة “الحماية مقابل المال”.. الوجه القبيح للهيمنة
منذ عقود، استخدمت الولايات المتحدة فزاعة “الخطر الإيراني” لتخويف الخليج ودفعه إلى شراء السلاح الأمريكي بالمليارات.
ثم استخدمت شماعة “الإرهاب” لتبرير وجودها العسكري في المنطقة.
واليوم، تُعيد واشنطن تدوير نفس المسرحية، لكن بطبعةٍ جديدة عنوانها “الاتفاقيات الدفاعية”، التي لا تحمل في حقيقتها سوى توقيعات على أوراقٍ تمنح أمريكا الشرعية لنهب المال والسيادة في آنٍ واحد.
ترامب نفسه لم يُخفِ هذه الحقيقة حين قال علنًا: “لولا حمايتنا، لما بقيت السعودية أسبوعين!”.. عبارة واحدة تختصر معادلة “التابع والمتبوع”، وتفضح حجم الارتهان الذي تعيشه الرياض أمام البيت الأبيض.
استعداد للتصعيد ضد اليمن؟
مصادر سياسية وإقليمية لا تستبعد أن تكون هذه الاتفاقية جزءًا من استعداد سعودي لتصعيد عسكري جديد ضد اليمن، في محاولة لاستعادة ماء الوجه بعد الهزائم المتتالية في الجبهات.
لكن الرياض تعلم جيدًا أن أي حرب جديدة ستكون كارثية، لأن اليمن اليوم ليس هو اليمن الذي واجهه تحالف العدوان قبل عقدٍ من الزمن.
القوات المسلحة اليمنية باتت تمتلك قدرات ردع استراتيجية أثبتت فعاليتها في البحر الأحمر وخليج عدن، وفرضت واقعًا جديدًا في المنطقة جعل من واشنطن نفسها تفكر ألف مرة قبل المغامرة.
فإذا كانت أمريكا لم تقدر على حماية كيان العدو الصهيوني من صواريخ المقاومة في غزة، فكيف ستحمي الرياض من الردع اليمني الذي بات يمتد من البحر إلى العمق الصهيوني؟
واشنطن تصنع الخطر.. لتبيع الحماية
الحيلة الأمريكية قديمة لكنها فعالة: تصنع الأزمة، تؤجّج التوتر، تثير الخوف، ثم تعرض “الحماية” مقابل المال.
بهذه الطريقة راكمت واشنطن ثرواتها من عرق الشعوب ودماء الأبرياء.
وفي المقابل، واصلت أنظمة البترودولار الانبطاح، ظنًا منها أن الأموال قادرة على شراء الأمان.
لكن الوقائع، من أفغانستان إلى العراق إلى أوكرانيا، تُثبت أن أمريكا لا تحمي أحدًا، بل تترك حلفاءها يغرقون في الوحل ما أن تُحصِّل منهم الثمن.
اليمن يغيّر المعادلة
في الوقت الذي تتسابق فيه الأنظمة العميلة لشراء “الحماية”، يخطّ اليمن بدماء أبنائه ملحمةً جديدة من السيادة الحقيقية، حيث لم يشترِ الشعب اليمني أمنه بالدولار وبرميل النفط، بل صنعه بالإيمان والبسالة والإرادة.
فبينما تهرول الرياض إلى واشنطن، يثبت اليمن كل يوم أنه الرقم الصعب في معادلات المنطقة: فرض معادلة الحصار على العدو الصهيوني، وواجه الأساطيل الأمريكية، ورفع رأس الأمة عاليًا حين سقطت أنظمة النفط في وحل الخضوع.
هذه الحقيقة وحدها كافية لتجعل “اتفاقية الحماية” القادمة وثيقة عار جديدة في سجلّ التبعية السعودية.
شراء الوهم من تاجر الخداع
وهكذا، تمضي المملكة في طريقها المعتاد: من يدفع أكثر… يحصل على “وعود أكثر”.
لكن كما يقول أحد المراقبين: “السعودية لا تشتري الحماية، بل تشتري الوهم من تاجر الخداع، وتدفع فوقه ضريبة الخوف”.
ويبقى السؤال مفتوحًا على سخرية التاريخ:
هل ستمنح أمريكا الرياض مظلة تقيها من “المطر اليمني”، أم أنها ستبيعها مظلة مثقوبة جديدة كتلك التي باعتها لقطر من قبل؟
نقلا عن موقع 21 سبتمبر
Comments are closed.