ذكرى الشهيد.. عهد الوفاء يتجدد في وجدان اليمنيين
تتجلّى عظمة الشهادة في أسمى معاني العطاء والتضحية في سبيل الله، وتجسد أنبل القيم والمبادئ التي ضحّى من أجلها الشهداء دفاعاً عن الدين والوطن والكرامة، فوهبوا أرواحهم في ميادين الحرية والعزة، ونالوا بذلك أعظم المراتب عند الله، وخلدوا أسماءهم في سجل المجد، أحياء عند ربهم يرزقون.
تمرّ على الشعب اليمني كل عام محطات خالدة ومناسبات عظيمة، تتجدد فيها مشاعر العزة والوفاء، وفي مقدمتها الذكرى السنوية للشهيد التي يستحضر فيها اليمنيون بطولات الشهداء وتضحياتهم الجسيمة في الدفاع عن الأرض والعرض والسيادة الوطنية، ومقارعة قوى الاستكبار العالمي وأدواتها من العملاء والمرتزقة.
وبحلول هذه الذكرى، يستعد اليمنيون لإحيائها بإقامة الفعاليات والزيارات لروضات الشهداء وتكريم أسرهم وذويهم، عرفاناً بتضحياتهم الجليلة وما سطروه من ملاحم الشجاعة والإيثار والعزة والولاء والانتماء، واستحضار قداسة القضية التي ضحوا من أجلها ووفائهم الإنساني والإيماني المتجذر في وجدان الأمة.
منذ مطلع الألفية الثانية، واليمن يقدم التضحيات الجسيمة ثمناً لانتمائه الإيماني وتمسكه بقراره المستقل، بدءاً بالحروب الست على صعدة، مروراً بالعدوان الأمريكي السعودي الإماراتي في 26 مارس 2015م، وصولاً إلى العدوان الإسرائيلي الأمريكي المباشر على الشعب اليمني، في سياق عدوان متواصل يؤكد عظمة الصمود اليمني وثباته على مبادئه.
وتأتي ذكرى الشهيد هذا العام 1447هـ كمحطة إيمانية ووطنية لتجديد العهد بالسير على درب الشهداء، واستلهام دروس العزيمة والإرادة والثبات، وتعزيز روح التضحية والفداء في مواجهة قوى الاستكبار وأدواتها، استمراراً في المسار الذي رسمه الشهداء بدمائهم الزكية حتى يتحقق النصر الكامل.
وفي هذه المناسبة، تتجدد الدعوة إلى مؤسسات الدولة والجهات الحكومية لتحمل مسؤولياتها تجاه أسر الشهداء وذويهم، وتوفير الرعاية الكاملة لهم والاهتمام بأوضاعهم المعيشية، وفاءً لتضحيات أبنائهم وتقديراً لعظيم ما قدموه، بعيداً عن الطابع الموسمي للاهتمام الذي يقتصر على فترة المناسبة.
كما تبرز الحاجة إلى ترسيخ ثقافة الشهادة في الوعي الجمعي، وتعزيز قيم الإيثار والصمود والشجاعة والثبات التي جسدها الشهداء في حياتهم، بما يسهم في بناء وعيٍ مجتمعيّ متين، يُدرك عظمة التضحيات ومعاني الانتماء والإيمان والعطاء في سبيل الله والوطن.
لقد اكتسب اليمن بقيادة قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي من ثقافة الجهاد والاستشهاد قوة الإرادة وصلابة الموقف في مواجهة الأعداء، وكسر جبروت المستكبرين، وإفشال مخططاتهم، حتى أصبح اليوم أكثر قدرة على فرض معادلات الردع والنصر في مختلف الجبهات.
وعلى مدى أحد عشر عاماً من الصمود، ألحق أبطال اليمن خسائر كبيرة بقوى العدوان ومرتزقتها في مختلف الميادين، بفضل الله وتضحيات الشهداء وصمود الشعب الأسطوري الذي صنع ملاحم العزة والكرامة، ليتحول اليمن اليوم إلى قوة حاضرة في معادلات الردع الإقليمي، تدافع عن قضايا الأمة وتواجه الكيان الإسرائيلي في عمق الأراضي المحتلة.
وأكد قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطاب سابق، أهمية إحياء ذكرى الشهيد لما تمثله من مناسبة لتجسيد المظلومية اليمنية وإظهار صمود الشعب وثباته واستعداده العالي للتضحية، مبيناً أن ثقافة الشهادة هي التي تصنع العزة والكرامة، وتبني الأمم الحرة التي لا تُهزم مهما اشتد العدوان.
وأوضح السيد القائد أن الشهادة في سبيل الله مرتبة رفيعة وفوز عظيم، وأن من المبادئ الإيمانية الجوهرية التي لا يكتمل الإيمان إلا بها التحرر من الطاغوت والاستعداد الكامل للتضحية، مؤكداً أن الأمة التي تؤمن بثقافة الشهادة تملك سر قوتها في إيمانها واستعدادها للبذل في سبيل الله والحق.
وتبقى ذكرى الشهيد محطة خالدة يجدد فيها اليمنيون العهد بالوفاء لتضحيات الأبطال، والتأكيد على أن الدماء التي سُفكت دفاعاً عن السيادة والكرامة لن تُنسى، وأن القيم التي ضحى من أجلها الشهداء ستظل منارة تهدي الأجيال وتغرس في النفوس روح الحرية والإباء مهما بلغت غطرسة الأعداء ووحشيتهم.
Comments are closed.