المنبر الاعلامي الحر

(تعز) لن تكون اسماً تجارياً أو للاستهلاك

يمني برس
2
بقلم – عقيد ركن / نجيب محفوظ المنصوري
ما أكثر من يتباكى على (تعز) لكنها تعلم يقيناً أن هذا التباكي لغير الله ولغير إرادتها وثورتها الحقيقية, فهذا المتباكي أو ذاك لا يريد في الحقيقة إلا أن تكون (تعز) مجرد تابعة ذليلة له أو وطن يتباكى لحسابه ولا يريد لتعز مثلاُ أن تكون حاكمة أو شريكة أساسية في الحكم رغم أنها لا تثور – دائماً – من أجل نفسها ولكن لأجل اليمن كلها وهي التي تضحي دائماً وغيرها يحكم لكنها لو قامت باستجماع قواها وشتاتها وإرادتها لأخافت كل هؤلاء المتباكين أو الأفاكين, وأرعبتهم ولا نعلم لماذا؟ وكأن ذلك حرام عليها حلال على سواها, وكأنهم لا يريدونها إلا مجزأة مبعثرة أو أنها لا يسمح لها سوى دور الكومبارس فقط, أو خادمة لمشاريعهم الضيقة الصغيرة رغم أنها تحلم بمشروع كبير جداً يتسع للجميع بما فيهم هؤلاء المتباكون وهو مشروع الدولة المدنية الحديثة الدستورية المستقرة الديمقراطية, لكن هؤلاء لا يحلمون إلا بمشروعهم الصغير مذهبياً كان أو مناطقياً أو فئوياً, أو حزبياً أو أسرياً, الأمر الذي يتعارض تماماً مع المشروع الكبير الذي تعشقه (تعز)وتتغنى به.

هؤلاء المتباكون المزيفون لا يريدون إلا أن يروا (تعز) تحترق أو تقتل أو تدمر ليحولوها إلى (حائط مبكى) آخر ليوظفوا هذا التباكي لصالحهم, يستمدوا شرعيتهم من إحراقها وقتلها وتدميرها وليخرجوا الأغاني والأناشيد التي تدر ربحاً عليهم ليس إلا رغم أن (تعز) في الحقيقة تسمع هذه الأغاني والألحان النشاز وهي تقول لهم لن تحاولوا قتلي فكلي حياة وستستمر في شريان الحياة وأنتم من سيموت في الأخير.

وحدها (تعز) هي التي تستطيع أن تميز بين الحب الصادق والمصطنع المنافق, لان نوراً في قلبها يكشف جوهر الحقيقة, وسوف تستمر الثورة فيها ما استمرت الحياة في اليمن, فهي الحياة لليمن وهي الإيمان للوطن ولن تُخدع أو تنخدع وراء المشاريع التي تولد في الأصل ميتة فإن كانت هي عاصمة (الوعي الثوري) فهل يستطيع بعد ذلك بليد أن يخدعها مهما تشدق بالألفاظ الثورية فهي تستطيع أن تفرق بين (الثورة) و (الثور).

وعندما أرى أو أسمع من يريد أن يطوع (تعز) لمشروعه الصغير – صغر جمجمته – أضحك من أعماق وجداني الثائر حتى وان رأيته يتباكى فيقول وجداني: (لا يعرف العشق الثوري إلا من يكابده).(ولا الصبابة الثورية إلا من يعانيها) وفرق بين النائحة الثكلى والنائحة المستأجرة وبين الدموع الحارة والتباكي البارد الأقرب إلى دموع التماسيح.

لا شك أنه من خلال الثورة الشبابية السلمية والثورات التي خلت برز اسم (تعز) إلى العالم, فعلم الجميع من هي؟ وماذا تعني وأن سواها لا يغني, فتوجهت الأنظار إليها وأنها إن قامت قام لها كل شيء في اليمن والجزيرة العربية, وان قعدت إنما تقعد لتتأمل وتفكر كعبقري فذٍ وملهم حكيم يبث دروس الفلسفة والحكمة والصواب, إلى العشاق عشاق الثورة والحرية والتغيير ليرسم لهم الخطوط العريضة, والمسار القويم المستقيم, لكن أصحاب المشاريع الصغيرة من المتباكين الخادعين حسبوا أنهم قادرون على استغلال اسم (تعز) فحسبوه اسماً تجارياً من أبرزه نال شهرة وقبولاً وربحاً لبضاعته الكاسدة وأفكاره الفاسدة, وروَّج هذا الإسم الثلاثي الجميل العزيز لمشروعه القبيح الحقير الصغير, الذي لا يتعدى أن يكون علبة (سردين) أو أن هذا الاسم يستطيع أن يشتريه كالاسم التجاري ويتداوله في سوق نخاسة الأفكار ليحسن بضاعته به ويواري عورته بعين (تعز), ولكن هيهات (فتعز) اسم ثوري لا تجاري, لا يباع ولا يشترى, ولكن يهدى للثائرين الحقيقيين ليعلقوه وساماً على أفئدتهم المؤمنة الثائرة الوطنية الحقيقية وليهتدي به كل من يريد أن يسلك طريق الثورة والوعي والثقافة والحضارة.

إن (تعز) ليست للاستهلاك والانتفاع الشخصي والفئوي ويخطأ من يظن ذلك وسيضيع وقته دون أن يحصل عليه وأن (تعز) كالهداية تعرف أصحابها, وكالماء العذب للشاربين العطاش الصادقين وكالنور للمستبصرين وكالهواء العليل للمتنفسين وكالتراب الخصب للزرع والزارعين, ولن تنبت حنظلاً ولا شوكاً بل وروداً بحمرة دم الشهداء والثائرين, ووحدها تعرف أن تميز بين الباكي والمتباكي ومن يعشق الورد وبين من يجعله تحت قدمه.

لم يسكب شباب (تعز) دماءهم في كل شوارع وساحات الوطن شماله وجنوبه وشرقه وغربه ليكون المولود الثوري مشوهاً أو ليخرج ميتاً – كما يريد المتباكون والأفاكون- ولكن ليكن مولوداً حياً وجميلاً بجمال (تعز) وبجمال الوطن وستهدي (تعز) مولودها لليمن, وسيحفظه رب السماء من الأيادي القاتلة في الأرض والتي تقتل لحساب فسادها أو لحساب من يدفع لها الريال السعودي والدولار الأمريكي من المال الملوث الحرام ولن تذهب هذه الدماء هدراً فالله عادل ورحيم, لكنه منتقم وشديد العقاب أيضاً ومسيرة الحياة الأولى قد فضحت كل المتباكين والأفاكين مهما حاولوا أن يقنعونا بالانتصارات الوهمية.

في بداية الثورة الشبابية سمى بلاطجة النظام العنصريون هذه الثورة (بثورة البراغلة أو اللغالغة) ويقصدون أبناء تعز وهكذا تمارس العنصرية والمناطقية ضدهم والمشكلة أنهم يتهمون بهتاناً وزوراً وضربت (تعز) وأحرقت بكل عنصرية ومناطقية حتى أن بعض الجنود من منطقة أخرى ركل أحد أبناء تعز ممن أحرق في محرقة تعز وقد كان قتيلاً فركله قائلاً له (يا لغلغي) في مشهد غير إنساني, مع هذا يتهم أبناء تعز بالعنصرية وغيرهم هم الذين يمارسونها قولاً وعملاً وأذكر أن بعثة أجنبية في منتصف الستينيات أصدرت كتاباً وفي الكتاب خارطة اليمن وجعلت على مديرية الشمايتين دائرة وأسهم تخرج من هذه الدائرة إلى كل محافظات اليمن وذكرت أن أبناء هذه الدائرة منتشرون في كل اليمن شماله وجنوبه وشرقه وغربه وأكثر ثقافة وتعليماً وعملاً وعدداً, وقالت إذا حكم أبناء هذه الدائرة اليمن فسوف تتقدم اليمن وتتطور لكن النظام العنصري ركز على هذه الدائرة واستهدفها بالإقصاء والتهميش والتقبيل والقمع لكي لا تحلم بالحكم رغم كفر هذه الدائرة بالعنصرية.

رئيس المجلس الاعلى للملتقى العام للقوى الثورية
رئيس اللجنة الثورية للدفاع والامن

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com