المنبر الاعلامي الحر

منهجية الحوار في فكر السيد حسين بدر الدين الحوثي

يمني برس – أقلام حره
df-20130413-204052
بقلم / صالح هبره

يتحدث السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه عن الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها المُحاور بقوله: ((أن يكون عندك روح أن تهدي, أن ترشد, لا أن تقهر الآخر, لا أن تغلبه, لا أن تبين ضعفه أمام الناس, لا تكن هذه عندك على الإطلاق. يكون عندك هدى, أن تهدي, أن ترشد. نبي الله موسى انطلق إلى فرعون وهو حريص على أن يهتدي وهو المجرم الذي قتل من بني إسرائيل آلاف الأطفال! ألم يقل له: {هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} (النازعات19)؟ هنا هو يدعوه إلى الهدى, يحب أن يهتدي))( 1) معللاً ذلك بقوله: ((لأن القرآن يطرح قاعدة: أنك ما تنطلق بروح جدلية هكذا، تنطلق بروح دعوة، إصلاح، حرص على هدى، حرص على هدى للطرف الآخر، لا تكن هنا تؤهل نفسك على أساس أنك تسير تناظر الناس، ومناظرة لمجرد المناظرة، وجدل لمجرد الجدل، لا، أسلوب دعوة، وتسلك طريقته هو، وتحمل نفس المشاعر التي يريد أن تحملها، يكون عندك حب شديد لهداية الناس، عندك حرص على هداية الناس))( 2) ويستشهد السيد أن الله في الحج نهى عن الجدال حتى لا يحصل تفرق وتمزق في كيان المسلمين، وأن عليهم أن يتجنبوا ما يمزقهم خاصة في مثل هذه الشعير العظيمة التي تعتبر أرقى مثال على الوحدة (({وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (البقرة: من الآية197)، ولا جدال ممنوع الجدال في الحج، إلا إذا كان هناك حوار متبادل، طرح قضايا معينة، أو توجيه للناس، تذكيرهم بما يجب أن يعملوه، تذكيرهم بخطورة العدو الذي يتوجه ضدهم، وأشياء من هذه، تذكير الناس بالله، ذكر لله، يتجنبون الأشياء التي تثير الشقاق فيما بينهم، الجدال، الكلام البذيء))( 3) ويعتبر ذلك قاعدة أساسية في الحوار الهادف ((هذه طريقة أساسية, طريقة أساسية في العمل, طريقة أساسية في المناظرة, في الدعوة في الحوار يجب أن تتبناها, ما يفرض واحد نفسه عبارة عن مناظر مجادل, تدخل في مناظرة فتكون المناظرة عبارة عن مباراة, من الذي سيغلب! المفروض ما تحمل هذه الروحية أبداً, القضية ليست قضية أريد أن أغلبك أو تغلبني))(4 )، ويبين من منظور نفسي حالة الطرف الآخر عندما تكون حريصاً على الغلبة ((لأنك تشد الطرف الآخر فيحصل هكذا كل واحد يشتد من عنده, ويرى بأنه ما هو مستعد أبداً أن يظهر أنه ضعف أمامك, أو انهزم أمامك, سيكابر ويعاند, وينكر, ويعمل كل طريقة؛ لأن معنى الموضوع أنه هزم أمامك))( 5) ويضيف ((إذاً لازم أنك تذيب شخصيتك نهائياً, تشده إلى الله, والموضوع إلى الله {إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ} هذا النبي بكله يقول له: نحن بشر مثلك يا أخي, فقط القضية كذا كذا .. الخ, ما هم هكذا يجعلونهم يتجاوزون بذهنيتهم شخصه إلى الله؟
طيب الإنسان أساساً ما عاد يحصل عنده حرج, الطرف الآخر ما عاد يحصل عنده حرج معك عندما يعرف أن القضية هي على هذا النحو, يعني ما إنك تريد أنت أن تقهره, تريد تفند ما يقول هكذا بطريقة تجبهه, تظهر ضعفه, تظهر بطلان كذا, بطريقة وكأنها مباراة, وكأنكم في حلبة مصارعة!))( 6) ويصفها أنها فاشلة عندما تكون على هذا النحو ((هذه الطريقة فاشلة, الطريقة الأولى هي الطريق التي يكون معها قريب أن يستجيب؛ لأنه عندما يستجيب يعني استجاب لله,
——————————-
( 1) مديح القرآن الدرس السادس.
( 2) مديح القرآن الدرس الرابع.
( 3) دروس رمضان المبارك الدرس التاسع.
( 4) مديح القرآن الدرس الرابع.
( 5) مديح القرآن الدرس الرابع.
( 6) مديح القرآن الدرس الرابع.
استجاب لشيء من جهة الله, استجاب لطريقة تشده إلى الله, فيكون قريب منك عندما تسلك الطريقة هذه))( 1) ويبين أنها مأخوذة من روح القرآن ((هذه واحدة من الطرق الهامة التي أرشد إليها القرآن الكريم, يعني عندما نقول يتثقف الإنسان بثقافته, أي تعرف بيناته, تعرف برهانه, تعرف ما يهدي إليه, في نفس الوقت تعرف الطريقة التي سلكها هو كمنهج في محاورة الآخرين, في مناظرة الآخرين, في دعوة الآخرين, تمشي عليها, وإلا فأنت أول غالط أنت))( 2) ويؤكد السيد حسين على الرجوع إلى الله والاحتكام بحكمه لحل الخلاف ((نرجع إلى حكم الله فيما اختلفنا فيه, نرجع إلى تفاهم, إلى حوار؛ لنعرف من هو الظالم منا, من هو المظلوم, من هو المخطئ, من هو المصيب, يكون هناك من يحسم القضية بيننا وانتهى الموضوع, لا تحتاج أنت أن تبحث لك عن ظهر, ولا أحتاج أنا أن أبحث لي عن ظهر))( 3) وفي سياق تأكيده على الرجوع إلى منهجية الله، وأنه هو وحده من يجب أن تستند إليه دون غيره، يستشهد بموقف نبي الله إبراهيم وحواره مع قومه (({إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ(79)وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِي وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ(80)وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ(82)وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} ولاحظ كيف قدمها نبي الله إبراهيم بأسلوب راقي، تجد أسلوباً الناس بحاجة إليه الآن، عندما يأتون يخوفونك من دولة، يخوفونك من أمريكا، يخوفونك من كذا، والقضية عندما تجد القرآن الكريم هم من يجب أن يخافوا هم؛ لأنهم هم الذين ابتعدوا عن الله، وهم الذين يعتبرون الآخرين وكأنهم أكبر من الله، وهم الذين جعلوا الآخرين وكأنهم أنداداً لله، فهم ماذا؟ الذين يجب أن يخافوا هم من الله، يعني هم مثلما قال الله في آية أخرى {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} (الزمر من الآية36).إذاً فمن هو الذي يجب أن يخاف، الذي يتجه إليه الله فيضربه، أو حجر صماء، أو إنسان كيده ضعيف، أو إنسان هو نفسه الله قاهر فوقه، إنسان مغلوب على أمره، من الذي يجب أن يخاف، من؟ أليس هم الآخرون، هذا يحصل، أليسوا الآن يخوفون الناس؟ فالناس بحاجة إلى أن يقولوا وكيف أخاف ـ إذا صحت العبارة ـ يعني أجواء هذه العبارة التي حكاها الله عن إبراهيم، يخوفك [سيأتي عليك وبا .. وبا … وبا …. ] أليس هنا يقدم تخويفاً ممن؟ من الذين من دون الله، قل له وأنت لاحظ في القرآن ماذا قال لك سيأتي كذا [وبا … وبا … وبا .. الخ] من هو الذي يجب أن يخاف؟ هل الذي وراءه الله أو الذي وراءه إنسان ضعيف؟ الله قاهر فوقه، يستطيع يوقفه، ويحبط عمله وكيده))( 4) وإن من يجب أن تخاف منه وتخشاه، وتعود إليه وتحاور من أجله هو الله ((عُدْ إلى الأسس في حوارك, ارجع إلى الله, ابدأ من الله, واربط كل قضية بالله, ولاحظ عندما يتهاوى الباطل, ويضعف صاحبه, لكن تأتي تغرق أنت وإياه في تفاصيل من تحت تفاصيل, تجلسوا على طول ما تنتهوا إلى شيء))( 5) ويوضح أن القرآن يضع استراتيجية هامة في الحوار مع الطرف الآخر بعدم الخوض في التفاصيل ((يعني القرآن الكريم يهدي إلى هذه الطريقة، وهكذا تكون كثير من المسائل على هذا النحو، هل تتصور مثلا أشياء كثيرة، تفاصيل كثيرة، يوجد تفاصيل كثيرة، من التفاصيل ما تحتاج تناولها هي، ومن التفاصيل ما هي مدرجة هي، إنما هي فروع إذا ما
—————-
( 1) مديح القرآن الدرس الرابع.
( 2) مديح القرآن الدرس الرابع.
( 3) آيات من سورة الواقعة.
( 4) دروس رمضان المبارك الدرس الخامس والعشرون.
( 5) مديح القرآن الدرس السادس.
إذا ما ضرب الأصل لا تعد تحتاج تلك كلها، حتى عند الشخص الذي هو متشبث بتفاصيل من هذه، تضرب عنده الأصل حقه يتهاوى كل هذه الأشياء عنده، ويعود إلى الأصل الذي أنت عليه، وعمل بالتفاصيل التي عندك. هذه هي الأدلة الجملية، الأدلة الجملية على أساسيات.
ولاحظ هذه هي الأصل في موضوع النبوة، نبوة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ألم تقم أدلة جملية على صدقه، وأنه رسول من الله؟ فأصبحت تفاصيله مقبولة تماماً، بل أصبحت تفاصيله يتعاملون معها كتشريع، أصبحت هي حجج ألم تصبح هي حجج؟ أصبحت أدلة؟ هل عاد أحد يريد يطلب من رسول الله دليلاً على التفصيل الفلاني الذي قدمه على المسألة الفلانية، التي قدمها على القول الفلاني الذي قال، هل سيحتاج يطلب منه دليل عليه؟ لا؛ لأنه الدليل الإجمالي الذي أثبت صحة أنه قدوة، أنه مصدر هداية يهتدي به الناس أنه رسول من الله، جعل كلما يأتي من لديه مندرج ضمن هذا الأصل مقبول.
هذه هي طريقة في المناظرة، طريقة في الحوار، ومثلما نقول أكثر من مرة: لا يكون عند الإنسان فكرة جدل لمجرد الجدل، أو مناظرة لمجرد المناظرة، تكون كل مناظراتك، حواراتك عملية، وأن تفهم هذه، أن تضرب الأصول الفاسدة، وستضرب معها كلما يقوم عليها من تفاصيل، وانتهى الموضوع. تدخل في تفاصيل تغرق أنت والآخرين، وأخذ ورد طويل عريض، أيام طويلة ما تنتهوا إلى شيء [والقرآن الكريم] يرسم في هذا الجانب، يرسم منهجية للحوار مع الآخر للدخول في حوار مع طرف آخر))( 1) ويؤكد كثيراً على عدم التوغل في التفاصيل (({يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} (البقرة: من الآية189) هنا يبين كمنهجية للناس أي: أنت مرشد، أو معلم، أو حتى مناظر، أو في حوار مع الآخرين، لا يكن معناه أن موقفك أنه يسأل وأنت تجاوب على كل قضية بالتحديد، ومقارعة التي يسمونها: مقارعة الحجة بالحجة كذا. لا. اصرفه ليست قضية. هل كانت الإجابة من جانب رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله: أن يأتي إلى الأهلة، كيف يصل الهلال إلى أن يصبح هلالاً، أو انصرف عن الموضوع إلى ما هو عملي، وإلى ما هم بحاجة إلى معرفته، مواقيت للناس والحج، وهم عارفون له من قبل {قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} (البقرة: من الآية189). أليست هذه معناها عملية صرف؟ انصراف عن أسئلة من هذا النوع))( 2) ويؤكد على اعتبارها قضية هامة في الحوار، ويشير إلى عدم الاستفادة من التجارب في هذا الشأن ((فتعتبر قاعدة هامة في موضوع التفاوض مع الآخرين، أو الحوار، أو الجدل هذه منسية أليست منسية عند العرب؟ على الرغم من مرور سنين طويلة أعني يبدو لا يوجد التفات للقرآن ولا يوم واحد على الرغم من صراع، مع اليهود مع تقريباً الغربيين بشكل عام، وتجدهم في عمي، في ضلال لا يهتدون بشيء نهائياً لا يبدو أنه يوجد التفاته ولا يوم واحد للقرآن، أن يهتدوا به! أليس هنا يعطي رؤى صحيحة في كيف يكون موقفك من الآخر؟))( 3) وفي الوقت الذي يكرر في أكثر من موضع على أن لا يكون الحوار لمجرد الحوار، يربط الأمر بالامتثال لأوامر الله وأن ذلك ما يمكن أن يوحد ويؤلف بين جميع الأطراف ((ثم من الناحية الأخرى لا تتمثل في موضوع مجرد حوار، يجب أن تكون هناك حركة قائمة على أساسه؛ لأنه لا تنتهي المسألة إلى مجرد دعوة ومجرد حوار ومجرد مناظرات ستنتهي إلى ـ تقريباً ـ لا شيء، يجب أن تكون بهذا الشكل، دعوة على هذا الأساس، وحركة قائمة
—————
( 1) مديح القرآن الدرس الثاني.
( 2) دروس رمضان المبارك الدرس التاسع.
( 3) دروس رمضان المبارك الدرس الثاني عشر.
على هذا الأساس؛ لأنه من خلال الحركة للأمة يحصل تأييد إلهي فيلمس في داخلها ما يجذب الآخرين إليها، هذه قضية أساسية في توحيد المسلمين ليست مجرد حوارات))( 1) ويعتبر التنازل لأي طرف بعيداً عن منهجية القرآن غير مجدٍ (( فالبعض عندما يقول: [نحاول أنه يبتعد الإنسان أنه لا يقدم حاجة تكون مثيرة لآخرين نكون نحاول نسكت عن بعض أشياء ونحاول، ونحاول من أجل تبقى كلمة المسلمين أو إذا ما يزال بالإمكان أن يتوحدوا] هذه طريقة تلفيقية، هذه غلطة، إذا أحد من داخل أيِّ مذهب كان ينطلق مع الناس على أساس يجرهم إلى مذهبه هذا لن يحصل يبقى صراع دائم، لكن أن تأتي وتقول: القرآن الكريم هو الأساس، رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، فننقد ما عندنا جميعاً عندما تنقد ما عند الكل عندما تنقد هذه الأشياء باعتبار أنها تعيقهم عن اتباع القرآن الكريم وأنها وراء الحالة التي وصلنا إليها، هذه القضية ما تسمى مذهبية ما تسمى دعوة إلى طائفة معينة ما تسمى حركة من قبل مذهب يريد أن يدخل الآخرين فيه على ما هو عليه))(2 ) ويستشهد بمقطع قرآني من آل عمران {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ(19)فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِي لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ(20) إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ(21) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} ويسترسل في شرحه إلى الآية (20) ليوضح فيها كيف تكون محاججة الطرف الآخر فيقول: (({فَإِنْ حَاجُّوْكَ} هي شبيهة بموضوع مفاوضات، أو حوار، أو جدل فأنت عندما تكون في حوار مع أطراف من هذا النوع ماضيهم أسود على هذا النحو، على هذا النحو في موضوع جدال، أو حوار، أو مفاوضات يجب أن يكون عندك هذه النظرة فتعرف أن هذا الطرف في واقعه هو واقع فيه نقاط ضعف كبيرة بالنسبة له لا يجوز أن أراه كبيراً فيكون بالشكل الذي يدفعني إلى أن أقدم تنازلات في تفاوضي معه في الأخير تكون أنت من قدم دينك وقدم الأمة بسبب رؤية مغلوطة إلى الطرف الآخر))( 3) ثم في سياق الحديث عن نتائج المحاور الذي لا يمتلك قضية محقة، ويحيد عن الامتثال لله والاحتكام لهديه ((يقول: {أولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة} (آل عمران: من الآية22) ومعنى أن تكون أعمالهم حابطة في الدنيا أي: نتائجها سيئة، ما كان سيئاً قد هو ذاك سيئة نتائجه، وما كان من أجل أنهم يحصلون على نتائج طيبة من بعده وهم يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً، وهم يكفرون بآيات الله، ويقتلون أنبياء الله، ويرفضون التسليم لله، أيضاً لن تكون النتائج بالشكل الذي يطمعون فيها ويطمحون إليها، {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ أولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وما لهم من ناصرين} (آل عمران: الآية22) أليس هذا يعطيك نظرة تجعلك بعيداً عن أن تقدم تنازلات معهم تنازلات لهم؟))( 4) ثم يوجه لما يجب أن يكون الموقف عليه مع من هم في واقعهم، وفي حوارهم معك ليسوا على استعداد أن يوجدوا حلاً معك بقوله: ((إذًا من الأشياء الهامة أن نفهم ـ كما ذكرنا في الآية السابقة ـ أنهم عندما يكونون على هذا النحو إنما هو تلاعب من جهتهم، ناس خبثاء، هم يخرجون من زمان عن الشرعة التي جعلها الله لهم، وفي نفس الوقت هم يعرفون، وليس المعنى أنها قضية غريبة في ديننا يقولون لماذا في دينكم كذا؟ في دين الله في شريعة الله في رسالاته، عند الرسل: موسى وعيسى وكل رسله، يعني: هذه تعتبر منهجاً في الرد عليهم، في الحوار معهم، حوار أو رد
—————-
( 1) دروس رمضان المبارك الدرس الرابع عشر.
(2 ) دروس رمضان المبارك الدرس الرابع عشر.
( 3) دروس رمضان المبارك الدرس الثاني عشر.
( 4) دروس رمضان المبارك الدرس الثاني عشر.
أو كيفما كان الموضوع، بأنه يجب أن تقررهم؛ ليتبين في الأخير أنهم هم الشاذون في مسيرة الدين، هم وليس نحن، وليس ما في شرعتنا نحن، أنهم هم الشاذون، هل هو جديد أن يكون هناك شرعة ومنهاجا في هذه الرسالة؟ ليس جديداً، يقال لهم: ليس جديداً أنتم حصل لكم هكذا فلماذا تستنكرون؟))( 1) ويؤكد على ثباتك على الحق أمام خصومك وأن لا تقدم تنازلات في حالة عدم امتثالهم لما يوافق أمر الله ولما هو منطقي (({وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ} (آل عمران: من الآية 62) هذا رد عليهم عندما يجعلون عيسى إلهاً هم يسمونه الرب وتسمع في إذاعاتهم وفي أخبارهم تجده هو السائد داخل النصارى بشكل عام الظاهرة المنتشرة فيهم هذه: جعلوا عيسى رباً وهو عبد لله والله يقول: {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ} (آل عمران: من الآية 62ـ 63) يعني: يكون هكذا موقفك أن تفهم أن الحق هو من ربك فلا تمتري يكون عندك أي اضطراب أو شك في ما قدم إليك أو حكايات يقدمونها من عندهم فتجد عندك إيمان بشيء مما فيها وهو مختلف عما قدم إليك. ثم فليكن موقفك معهم على هذا النحو مباهلة ولهذا روي في قضية مشهورة أن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) جاء بعلي وفاطمة والحسن والحسين، عندما وفد إليه نصارى نجران وحصل محاججة قال: فلنتباهل {فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} (آل عمران: من الآية 61) ثم تراجعوا هم خافوا أن يباهلوا عارفين بأنها قد تكون العقوبة عليهم هم تنزل اللعنة عليهم))( 2) وينبه أن تولي الخصوم لا يكون دافعاً لك لأن تقدم تنازلات فلا تكترث والله هو وليك (({فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ} (آل عمران: الآية 63) لا تكترث بتوليهم لاحظ هذا الموضوع يتكرر داخل القرآن الكريم بشكل عجيب ومؤكد أعني مواقف ثابتة لا يجرك حرصك أو يجرك مثلاً أشياء أخرى إلى أنك تحاول تقدم تنازلات أو أشياء من هذه عندما يحصل حجاج من الآخرين أو يحصل عروض من آخرين، لا. قضايا يجب أن تكون ثابتاً عليها {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ} (آل عمران: الآية 63) {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا} (آل عمران: من الآية 64) هذه دعوة إيمان هلموا آمنوا بهذه {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ} (آل عمران: من الآية 64) هذه الكلمة نفسها هي الكلمة التي قال الله هناك: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} (الزخرف: الآية 28) قضية هي واحدة داخل دين الله أي ما لدينا ليس شيئاً خارجاً عن دين الله الذي أنتم تعرفونه {إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} أليست هذه الأشياء أصول معروفة لديهم في الدين؟ وهناك شواهد عليها في ما لديهم في تراثهم شواهد على هذه؟ النصارى الآن لا يعتبرون أنفسهم مشركين هم ولا يعتبرون أنفسهم كافرين بالله. اليهود كذلك لا يعتبرون أنفسهم أنهم كافرين ومشركين بالله هم عندهم المشركون الفئة الأخرى المعروفة المشركين الذين هم ماذا؟ يعبدون أصناماً))( 3) ويعتبر ذلك من الأسس والضوابط الهامة في الحوار((تمثل هذه فيما يتعلق بما يسمونه: [الحوار]. تمثل هذه: أسساً، ضوابط للحوار أي هذه تمثل قواعد مشتركة هي في نفسها تعتبر مقاييس يتم على أساسها بيان ما هناك من أخطاء عندما يقول: {وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} (آل عمران: من الآية 64) وقبلها {أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً} (آل عمران: من الآية 64) أليست هذه تعتبر قواعد تعتبر مقياسًا هي عندما يقول {وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً} أنتم عندما تقولون في المسيح [كذا كذا كذا] إذاً هذا يتنافى مع القاعدة هذه، أعني هذا يعتبر شركاً، إذاً يجب أن تتخلوا عنها مع أن هذه الأشياء يؤمنون بها جملة عبادة لله، أن الشرك محرم في دين الله يؤمنون بهذه وكذلك أن لا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله وهذه أشياء سائدة داخلهم كما قال عنهم في آية أخرى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ}
————————–
( 1) دروس رمضان المبارك الدرس الثاني والعشرون.
(2 ) دروس رمضان المبارك الدرس الثالث عشر.
(3 ) دروس رمضان المبارك الدرس الثالث عشر.
(التوبة: من الآية 31) أعني فيما لو قام حوار بينك وبينهم تعتبر هذه قواعد تمثل ضابطاً لأن أي حوار بين أطراف لابد أن يكون هناك قواسم مشتركة ـ التي يسمونها ـ يكون هناك قواعد قضايا يلتقي عليها الكل يعتبرونها ماذا؟ منطلقاً لحوارهم))( ).
هذه هي المنهجية في الحوار الهادف التي رسخها السيد حسين بدر الدين الحوثي مستنداً في استخلاصها على كتاب الله العزيز، فهي تعتمد على استيعاب الآخر والبحث عن القواسم المشتركة، وفي نفس الوقت لا ترى تقديم التنازلات أمام العدو الأجنبي وأمام مخططاته، وأن هذا العدو هو من يجب أن نكون أمامه أقوياء؛ لأنه هو في ذاته ضعيف، وتكالبه علينا هو ما يجب أن يدفعنا إلى أن نوحد صفوفنا، وألا نغرق في المشاكل التي يختلقها هو بغية تفريقنا، عملاً بقوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
————
( 1) دروس رمضان المبارك الدرس الثالث عشر.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com