المنبر الاعلامي الحر

هي الحكمة إذن …

“هي الحكمة إذن ..”

عندما هتف الثوارالأحرار – لأيام لا تتعدى أصابع اليد- ضد التدخل الأمريكي غير المباشر عبر الحليف السعودي ومباشرة عبر سفيرها ومبعوثيها ، ورفضا للوصاية رأينا السيناريو اختلف عن السابق وظهرت تغيرات ملحوظة منها إنهاء الغموض حول مصير الرئيس صالح وإظهاره لمرتين بشكل متسارع ليؤكد الموقف المتسارع لاحتواء الغضب والسخط الشعبي المتنامي ضد السياسة الأمريكية تجاه  ثورة هذا الشعب الصامد ، ويظهر هذا التحول أيضا في تصريحات البيت الأبيض اليوم حيث قال جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض في بيان له ” ان برينان دعا صالح للوفاء بسرعة بتعهد بالتوقيع على اتفاق تم التوصل إليه بوساطة خليجية لتسليم السلطة بشكل سلمي”

وهنا يجب أن نتوقف عند كلمة “بسرعة” ملياً ، في حين  نقلت وكالة رويترز اليوم الإثنين الموقف الأمريكي جاء فيه ” لكن أمريكا أعربت الآن بشكل واضح عن اعتقادها بأنه يتعين عليه أن يذعن أمام انتفاضة شعبية مستمرة منذ ستة اشهر ضد حكمه المستمر منذ 33 عاما”

كل هذا يؤكد أن أمريكا ليست مستعدة لأن تجعل الشعب ساخطاً عليها والذي تخافه أكثر أن يتنامى ذلك السخط فتتغير استراتيجيات في المنطقة ككل ، فعندما هتف الثوار في مصر ولأسبوع واحد “ارحل عنا يا جبان .. يا عميل الأمريكان ” سارع رئيس الاستخبارات الإسرائيلي ليصرح بأن استمرار مثل هذا السخط سيوجد “إيران ثانية ” في إشارة إلى خطورة هتافات ليس إلا .. لكنهم يعرفون جيدا ويعون أكثر منا أنها ستتحول إلى ثقافة تتربى عليها الأجيال وحينها سيخسرون كل شيء ..

وما علينا إلا أن نستخلص العبر في هذه الفترة المهمة من تاريخ بلدنا اليمن :

أمريكا ستتجه في الأيام القادمة للدفع نحو إحياء المبادرة الخليجية حتى تظهر بمظهر يخفف السخط المتنامي ضدها.

أمريكا أظهرت أنها صاحبة الوصاية على النظام وهي من طرحت المبادرة الخليجية للخروج من الثورة الشعبية بأقل الخسائر، وهي من تحركت أكثر من تحركات أركان النظام “فانكشفت المسرحية”

“عميل الأمريكان” كلمة تزعجهم أكثر من “ارحل” لأنها تضرب عصفورين بحجر ، بينما الثانية تضرب عصفورا قد تتخلى عنه أمريكا وقد تقدمه قربانا لوقف السخط عليها وتأتي بعصفور أجمل.

البلد في آخر الأمر هو اليمن ويجب أن يكون في خدمة أبنائه ومن أجل أبنائه ، وإذا اختلفت وجهات النظر بين اليمنيين فمآلها الوفاق ، بينما دخول الأمريكيين على الخط  يزيد عداء أبناء الشعب بعضهم لبعض فيحاول أن يمرر مشروعه عن طريقه .

عندما ننادى بإسقاط النظام فإنما نعني إسقاط العمالة والوصاية والفوضى والمحسوبيات في كل مؤسسات الدولة لنحيا بكرامة واستقلال تام لا يرضى بفرض الوصايات .. وكل هذا لن يأتي إلا بالوعي والصفاء والحرص على اللحمة الوطنية.

هي الحكمة إذن ..

عندما عرفنا جيدا من هو الذي تستر باسم النظام ليوصل أبناء البلد للتناحر ثم يأتي ليظهر نفسه كالمخلص .. سنكون على وعي تام بأن كل تحركاته لن تكون إلا محاولة للاستفادة لما فيه خدمة بلدانهم ولو على حساب دمائنا وألفتنا ووحدتنا..

 

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com