المنبر الاعلامي الحر

للحرية ثمن

رشا القيفي

كلمة يتبادر معها إلى الذهن ذاك الثمن المدفوع من التعب والعرق والدماء التي تُبذل للوصول إلى الحرية عن طريق التخلص من قيد الظالم.. ثمن يتسابق الجميع على دفعه ويؤمن الجميع بقدسيته، ويرى كُل الناس بمختلف أديانهم وعقائدهم ومذاهبهم الفكرية دافعي دمائهم ثمن بشهداء للحرية وهو أقل ما يقال في حقهم.

ذاك الثمن الذي يبدأ تقديمه مع أول صرخة يصرخها طالب الحرية في وجه السجان فينهال عليه ذاك الآخر بالضرب و التخوين وحملات التشهير المنظمة ليُفقده توازنه أو يعزله عن ما حوله ..ثم تبدأ حملات الاعتقالات في حق من صرخوا بعد أن تتزايد أعدادهم في مُحاولة مستميتة من الظالم ليبقى هو المُسيطر متناسياً انه ومع أول صرخة يبدأ العد التنازلي لحياته وان كُل ما يفعله ليس إلا عمل متراوح بين تأخير العد التنازلي من خلال زيادة الأرقام أو تسريع سقوطه بحسب وعي المجتمع الموجود فيه الظالم والثائر على الظلم.

فما يلبث أن يتطور ذاك الصراخ والألم ليصبح مقاومة للظلم سلمية كانت أو عنيفة إلا انه ومع هذا التطور تبدأ مرحلة دفع الجزء الأخير من الثمن الدماء فالظالم لا يعرف السِلم أبدا ومهما كانت مقاومتك له سلمية فإن ردوده ستكون عنيفة لأنها سكرات الموت بالنسبة له.

لكن التساؤل لماذا يجب تجديد دفع هذا الثمن دائماً فيبدو أن الدول والشعوب بحاجة إلى ثورة تلو أخرى لأن كثير من الثورات صنعت من بعدها ظالم آخر ودكتاتورية أخرى!!

فالثورات الاشتراكية أوجدت زعيم أوحد والثورات العربية أنتجت أمثال من تثور عليهم اليوم الدول حتى قبل إن تستمتع الدول بنعمة ثوراتها الأُوَل فهل المشكلة في عقيدة الثائرين ام في عدم دفع الثمن الأصعب للثورة!

الثمن الأغلى في الثورات:
هو ليس ذاك الذي ندفعه للتخلص من ظلم الآخرين لنا ولمجتمعاتنا ولكنه ذاك الثمن الذي يجب علينا دفعة حتى نتخلص من ظُلم أنفسنا ودكتاتورياتها .. نعم أغلى ثمن للحرية هو أن تتقبل رأي مخالفك دون أن تستنقصه ولا أن تعاديه .

هي ليست المدينة الفاضلة لأفلاطون ولكنها تلك المبنية على لكم دينكم ولي دين… وليس عليك هداهم على أن الصواب والخطأ أمر نسبي فلا يجب القول بأن أحدنا مُصيب تماماً والآخر مخطئ تماماً .. هي تلك المبنية على أن سبابكم يا إخوتي فسوق وأن أحدنا ليس بلعان ولا طعان. تلك المبنية على من سلم المسلمون من لسانه ويده.

يُعد هذا الثمن هو الأغلى لأنه ثمن مُستمر الدفع ..باستمرارية رغبتك بالحرية نعم “أخالفك الرأي تماماً ولكني سأدفع حياتي ثمناً لتعبر عن رأيك” هي من المقولات الرائعة في الحرية ولكني اعتقد انه لا حاجة لتدفع حياتك ثمناً بل ادفع عنجهيتك وتعصبك لفكرك ثمناً لتعطيني مساحة من الحرية اعبر فيها عمّا أريد ولو كان الذي أريده هو عكس ما تريده أنت تماماً دون أن تقفز لاتهامي بالخيانة للدين للوطن للحرية لكُل ما يستفز ويلهب مشاعر القارئ أو المستمع من النّاس فهل لدى ثوار العالم العربي اليوم وفي الثورات الجديدة القدرة على دفع الثمن المستمر للحُرية أم إننا سنحتاج لثورات أخرى قادمة

 

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com