المنبر الاعلامي الحر

المقاومة والطائرات المسيّرة والخوف الإسرائيلي

.

يمني برس  //

 

لم تعد المقاومة تلك المنظومة التي بإمكان العالم التآمر عليها واستهدافها هنا وهناك دون أن يلقى المعتدون أي عقاب أو ردّ حازم، ولا يخفى على أحد أن الدول المعادية للمقاومة كانت تستهدفها في أي فرصة تسمح بذلك، لكن الآن الأمور تغيّرت، إذ انقلبت المعادلة منذ عام 2006 وترسّخت في العامين 2008 و2012، وخلال هذا العام وتحديداً خلال هذه الفترة أصبحت المقاومة تملك اليد العليا في أي نزاع يحصل إن كان في لبنان أو سوريا أو العراق أو اليمن، ولم يعد بإمكان الدول الكبرى بالرغم من جميع إمكاناتها العسكرية أن تؤثر على هذه المعادلة أو تعيد الأمور إلى ما كانت عليه في السابق.

 

اعتقد الكيان الاسرائيلي وكذلك أمريكا والسعودية ودول الغرب مصعوقون من تنامي قدرات “أنصار الله” وقدرتها على اختراق العمق السعودي والتهديد مؤخراً باستهداف العمق الإماراتي.

 

بالرغم من الصدمة الأمريكية إلا أنها سعيدة ضمنياً لكونها ستحصل على المزيد من أموال السعودية، إلا أنها في الوقت عينه ستخسر الكثير من صفقات الأسلحة، لأن عتادها الحربي الذي كلّف السعودية مليارات الدولارات ظهر عاجزاً أمام طائرات “مسيرة” قيمتها أقل من 300 دولار، وهذا الأمر أقلق السعودية أيضاً وسيعرّضها لمساءلة كبيرة أمام شعبها في المستقبل، خاصة في حال استمرت هذه الهجمات والتي لم يستبعدها “أنصار الله”، عندها على أمريكا أن تخشى من ذهاب السعودية إلى معسكر روسيا للحصول على أسلحة ناجعة أكثر، وقد لمّح لهذا الأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال القمة الثلاثية التي جمعته مع نظيره الإيراني والتركي في أنقرة.

 

هذا القلق وبالأحرى العجز السعودي عن إيقاف هجمات “أنصار الله” انتقل إلى كيان العدو الإسرائيلي، الذي بدأ يفكر ويطرح فرضيات حول إمكانية استخدام المقاومة اللبنانية لنفس الأسلوب واستنزاف الاقتصاد الإسرائيلي في المرحلة المقبلة، ومجرد التفكير بهذا الموضوع وطرحه على الملأ سيمنع الصهاينة من الإقدام على استهداف المقاومة خلال السنوات المقبلة، خاصة وأنهم اختبروا هذا الأمر خلال الفترة المقبلة وجاءهم الرد صاعقاً.

 

وحول هجمات “أنصار الله” الأخيرة واحتمال انتقال هذا الأمر إلى الصراع بين المقاومة والكيان الإسرائيلي، رأى مُحلِّل الشؤون العربيّة في موقع (YNET)، الإخباريّ-العبريّ، التابِع لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، الأوسع انتشاراً في كيان الاحتلال الإسرائيليّ، د. يارون فريدمان في مقالٍ تحليليٍّ نشره بالموقع أنّ التطورات في الخليج مقلقة على عدة مستوياتٍ، على حدّ تعبيره.

 

ورأى المُستشرِق والمحلل السياسيّ في الموقع الإخباريّ-العبريّ أنّه لا شك بأنّ حزب الله يتعلم من نظرائه في اليمن، أيْ جماعة أنصار الله وهو، أيْ حزب الله، سيقوم بالتركيز في أيّ حربٍ قادمةٍ مع الدولة العبريّة على ضرب اقتصادها كما يفعل اليمنيون في السعودية، على حدّ تعبيره.

 

وأكّد المحلل السياسيّ د. فريدمان أنّ الأهداف الاقتصاديّة الإسرائيلية موجودةٌ في مرمى صواريخ حزب الله منذ عدّة سنوات، ومعظمها في الشمال، وخاصّةً في منطقة حيفا: خليج حيفا، منصات الغاز بالقرب من السواحل، المصانع المُختلفة ومحطات التكرير، لافِتاً في الوقت عينه إلى أنّ الدفاع عن هذه المنشآت سيكون أحد التحدّيات الكبيرة التي تنتظر الحكومة الجديدة التي ستُنتخب في “إسرائيل”، طبقًا لأقواله.

 

جديرٌ بالذكر في هذا السياق أنّ التقديرات الرسميّة في المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة، كما أفادت القناة الـ13 في التلفزيون العبريّ، نقلاً عن مصادر أمنيّةٍ رفيعةٍ وواسعة الاطلاع في تل أبيب، تؤكّد على أنّه في حال اندلاع مُواجهةٍ عسكريّةٍ بين أمريكا والجمهوريّة الإسلاميّة في الخليج ، فإنّ ارتداداتها ستصل إلى “إسرائيل” عن طريق قصفها بالصواريخ من غرب العراق، وتفعيل حزب الله اللبنانيّ في الشمال لإمطار الكيان بآلاف الصواريخ، وفي الوقت عينه، وفق التقديرات الإسرائيليّة الرسميّة، ستبدأ المقاومة الفلسطينيّة بقصف العمق الإسرائيليّ، علماً أنّها، بحسب تل أبيب، باتت تملك الصواريخ الدقيقة التي تصِل إلى مدينة حيفا في شمال الدولة العبريّة.

 

بالإضافة إلى ذلك، شدّدّ تقرير التلفزيون العبريّ، نقلاً عن المصادر عينها، على أنّ الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة نجحت قبل عدّة أسابيع الماضي في اختبار صاروخ باليستي متوسط ​​المدى طار أكثر من 600 ميل من الجزء الجنوبيّ من البلاد إلى منطقة خارج طهران، في الشمال، وفق ما صرّح به مسؤولٌ أمريكيٌّ لشبكة (فوكس نيوز) الأمريكيّة، المُقربّة جداً من الرئيس دونالد ترامب.

 

وشدّدّ التلفزيون العبريّ أيضاً على أنّ إيران أعلنت أنّها كانت تُخصِّب اليورانيوم أعلى من المستوى المسموح فيه في الاتفاق النوويّ لعام 2015 بسبب ما قالت إنّه قلّة التحرّك الأوروبيّ لإنقاذ الاتفاقيّة بعد انسحاب الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب في أيّار (مايو) من العام 2018 وفرض العقوبات على وقد اتخذت إيران أيضاً استخدام الوجوه المستهدفة بصور نتنياهو وترامب في التدريبات الجمهورية الإسلاميّة، ، على حدّ قول المصادر الإسرائيليّة للتلفزيون العبريّ.

 

الأمر الآخر الذي يقلق كيان العدو هو معرفته جيداً بأن قبّته الحديدة لم تعد مجدية ولا مجال لاعتراض صواريخ المقاومة بعد اليوم، ومنذ العام 2012 رأت دراسة استراتيجية إسرائيلية أن المضادات الدفاعية في الدولة العبرية، وفي مقدمتها منظومة القبة الحديدية، لا ولن تتمكن من حماية العمق في حال اندلاع مواجهة شاملة تتعرض خلالها دولة الاحتلال لقصف صاروخي من عدة جبهات، مؤكدةً على أن المضادات الدفاعية غير قادرة حتى على صدّ الصواريخ.

 

هذا الأمر لمسه الصهاينة في جميع الحروب السابقة، وحتى في العام 2018 فشلت هذه القبة في إيقاف صواريخ المقاومة الفلسطينية القادمة من غزة، إذ سقطت أغلبية الصواريخ التي أطلقت من غزة في المستوطنات الإسرائيلية، وأحدثت خسائر في الأرواح وفي المباني بشكل مؤثر.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com