المنبر الاعلامي الحر

مابين ثورتي 26 – 21 سبتمبر .. الدور السعودي يعيد نفسه

مابين ثورتي 26 – 21 سبتمبر .. الدور السعودي يعيد نفسه

يمني برس – تقرير

 

 

يروى أن عدد من الصحفيين السعوديين زارو شاعر اليمن الكبير الفقيد/ عبدالله البردوني بهدف معرفة وجهة نظره من التحولات في السعودية بالذات في الجانب الثقافي فأسهب أحد الحاضرين متحدثاٍ عن الطفرة الثقافية في السعودية وزيادة عدد المطابع، فما كان من الشاعر البردوني الا ان قاطعه وبسخريته اللاذعة قال للسعوديين: المشكلة أن المطابع لديكم والعقول في اليمن, فالدولة في السعودية وجدت فجأة ليس لها ماضُ.

 

وتأتي رؤية الشاعر البردوني من السعودية متوافقه مع اراء السياسيين والاقتصاديين اليمنيين الذين يعتبرون النظام السعودي كان ولا يزال السبب الرئيسي لأغلب المشاكل والحروب في اليمن وذلك منذ العام 1934م وحتى اليوم

 

 

فقد وقفت السعودية مع الإمام يحيى حميد الدين لقمع ثورة 1948م وانقلاب 1955م وهو ما سمح لآل سعود الاستمرار في مخطط إضعاف اليمن بهدف تفكيكه وخلق بؤر صراعات تشغل نظام الحكم عن المطالبة بإلغاء أو تجديد اتفاقية الطائف التي انتهت المرحلة الاولى منها فيعام 1954م

 

وفي 26سبتمبر 1962م استغل صغار الضباط المنضوين في تنظيم الضباط الأحرار وفاة الإمام أحمد فبادروا إلى تحديد ساعة الصفر وتفجير الثورة ضد الإمام محمد البدر بعد أسبوع من مبايعته خلفاٍ لوالده .

 

نجاح الثورة وهروب الإمام الجديد سمح للرئيس جمال عبد الناصر بالتدخل المباشر وتقديم الدعم العسكري والمدني وإرسال آلاف الجنود للحرب في اليمن لمقاومة فلول الملكيين ومن ثم احتواء الثورة والتحكم في مسارها .

 

بالمقابل احتضنت السعودية الجانب الملكي ومدتهم بالمال والسلاح مما قاد إلى حرب أهلية استمرت سبع سنوات خاض خلالها اليمنيون مواجهةٍ مصريةٍ سعوديةٍ بالنيابة عن غيرهم .

 

وفي هذه الأثناء ألغت السعودية لجنة الرقابة الدورية على الحدود وأخذت تتوسع في كل مناطق الأطراف .

 

 

وتقول الروايات :إن الإمام محمد البدر رفض تجديد الاتفاقية أو الحديث عنها وكان هذا الموقف المتصلب سبب خلافه مع السعودية وسفره إلى لندن كمنفذ اختياري ظل فيه إلى أن انتقل إلى جوار ربه .

 

وفي يونيو من العام 1967م انسحبت القوات المصرية من اليمن وتم الوصول إلى مرحلة المصالحة الوطنية بين اليمنيين.

 

 

حينها زادت هجمات القبائل الملكية على صنعاء بدعم من الجانب السعودي وقد زادت حدة الهجمات مع بداية انسحاب القوات المصرية, عندها تداعت القوى السياسية واختارت القاضي عبدالرحمن الارياني رئيساٍ للمجلس الجمهوري بدلاٍ عن الرئيس السلال .. فكان الارياني الرئيس المدني الوحيد الذي رأس البلاد وفي عهده تمت المصالحة الوطنية .

 

وقد وافقت السعودية على المصالحة بعد أن تأكدت من بقاء دورها في اليمن مستغلة حالة الانكسار لدى الرئيس عبدالناصر بعد هزيمة يونيو 1967م.
ودأبت السعودية الى استقطاب كبار مشايخ اليمن وتحويلهم إلى موالين يرعون مصالح السعودية وينفذون إرادتها مقابل مبالغ كبيرة من المال وصلت إلى ستة مليارات ريال سعودي بحسب إفادة الأمير نايف ولي العهد ووزير الداخلية الأسبق, فقد أعلن أن ما ينفقه مكتب اليمن المشرف عليه الأمير سلطان المبلغ آنف الذكر في العام الواحد بهدف التخريب وإذكاء الصراعات والقلاقل في اليمن .

 

 

تجديد الاتفاقية
ظل القاضي الإرياني يتهرب ويرفض مقاربة موضوع الحدود كأمر شائك يتصل بالسيادة الوطنية, هذا الموقف لم يصمد طويلا إلا أن ضغط المشايخ ومراكز القوى وضعاه في موقف صعب, حيث بلغ التدخل السعودي السافر مداه في تلك الفترة وصل إلى حد أن الرئيس لا يستطيع تعيين أحد في المناصب الإدارية من وكيل وزارة أو وكيل محافظة إلى رئيس وزراء دون إذن من الجانب السعودي.

 

 

وبين الحين والآخر كانت السعودية تستدعي مشايخ اليمن لعقد اجتماعات بمسميات مختلفة وتدفعهم إلى زيادة الضغط بما في ذلك مناصبة العداء للقوى الوطنية ودفع قوى الأمن إلى قمعها وإيداع أفرادها السجون بتهمة العمالة والعداء للإسلام .

 

 

وزادت حدة التهمة بعد ظهور حركة الإخوان المسلمين في اليمن مما اضطر بالرئيس الارياني إلى القبول بالأمر الواقع في عام 1973م وكلف رئيس الوزراء حينها القاضي عبد الله الحجري بالذهاب إلى السعودية وتوقيع معاهدة لتجديد اتفاقية الطائف لمدة عشرين عاما على أن تظل البنود كما هي عليه في اتفاقية 1936م باستثناء لجنة الرقابة الدورية فقد غابت من النص الجديد .

 

وقد اثار التوقيع على الاتفاقية حفيظة القوى اليسارية فتزعم أول احتجاج الأستاذ عبد القادر باجمال بالاعتصام في سفارة اليمن بالقاهرة .

 

فيما سارعت بعض الاطراف الاخرى الى تصفيه المتورطين في تجديد الاتفاقية حيث اغتيل القاضي عبد الله الحجري ومحمد أحمد نعمان وكذا رجل الأعمال عبد العزيز الحروي  .

 

أما القاضي / عبد الرحمن الإرياني فقد حاول إمساك العصا من الوسط وبادر إلى إنكار أي دور له في تجديد الاتفاقية وألقى بالمسئولية على رئيس الوزراء فأقال القاضي الحجري وكلف الدكتور حسن مكي بتشكيل الحكومة بدلا عنه هذا الأمر أغضب السعودية فما كان منها إلا أن حرضت المشايخ عليه وإبداله بالرئيس إبراهيم محمد الحمدي الذي سرعان ما تمرد على السعودية فبادرت إلى قتله وإبداله بالغشمي الذي قتل في ظروف غامضة فتم تنصيب الرئيس السابق علي عبدالله صالح بدلاٍ عنه واستمر إلى فترة 2011م .

 

 

ويذكر المؤرخون أن التيار الوهابي صنف المذهب الزيدي في عداد المذاهب المسماة بالرافضة, وبعد نشأة حركة الإخوان المسلمين وتحالفها مع السعودية وحصولها على الدعم المادي والمعنوي وجدت السعودية الرديف المحلي الذي مكنها من محاربة المذهب الزيدي, حيث صدرت الفتاوى من كبار علماء السعودية قضت بتكفير اليمنيين ومن أشهرها فتوى ابن باز الذي قال فيها إنه لا يجوز الزواج باليمنية إلا بعد أن تجدد إسلامها واستمرت الحرب الشعواء من خلال عملاء السعودية في الداخل وصولاٍ إلى محاربة هجر العلم المنتشرة في أنحاء اليمن وإبدالها بما سمي بالمعاهد العلمية وتمويل إقامة المراكز السلفية ومحاربة بعض علماء الزيدية وانتهاء بالتحريض والدعم المباشر لحروب صعدة الست بما رافقها من احتلال للمساجد ورفض لطرف معين ومنعهم من التدريس أو اعتلاء منابر الخطابة في المساجد والترويج لدعايات وتهم باطلة مثل سب الصحابة وأمهات المؤمنين وزواج المتعة ,وغيرها من التهم التي استهجنها أبناء اليمن .

 

 

حروب المناطق الوسطى والجنوب
ولم يكن وضع الجنوب حينها ببعيد عن المأمره السعودية فقد سعت الى محاربته بحجة تمسك الجنوب بالفكر الماركسي، فبدأت المشاكل بين الجنوب والسعودية بحرب الوديعة والشرورة التي كان لمشايخ من الشمال دور فيها رجح كفة الجانب السعودي مما أغاض الإخوة في الجنوب فبادروا إلى قتل المشايخ في كمين بشكل جماعي وكانت السعودية قد حرضت على حرب 1972م التي انتهت إلى توقيع اتفاقية طرابلس والقاهرة’ بعد ذلك بدأت السعودية تحتضن كل معارض يغادر الجنوب وتقدم له المال والتسهيلات بدعوى الاستعداد لتشكيل جيش قادر على محاربة الماركسيين الى ذلك تم إنشاء إذاعة في نجران باسم صوت الجنوب اليمني الحر كانت موجهة إلى الداخل الجنوبي .

 

 

كما لجأت السعودية إلى التحالف مع الإخوان المسلمين وتشجيع النظام في الشمال على خوض حرب المناطق الوسطى وكانت المرحلة الأولى التي مكنت السعوديين من دعم الإخوان بشكل مباشر وعبر الدولة بحجة محاربة المد الماركسي,

 

 

وفي المناطق الوسطى جرت معارك كانت الدولة طرفا فيها بدأت من عهد الرئيس عبد الرحمن الإرياني وتوقفت أثناء حكم الرئيس الحمدي ثم عادت بضراوة خلال حكم الرئيس علي عبد الله صالح وكانت السعودية أكبر ممول وداعم لهذه الحرب كونها استشعرت الخطر من النظام في الجنوب وخافت من تمدده وفق المخاوف التي أفصحت عنها بريطانيا وأمريكا .

 

خلال نفس الفترة استطاعت السعودية إشعال فتيل الحرب الثانية بين شطري اليمن عام 1979م التي انتهت بعقد قمة الكويت بين الرئيس صالح وعبد الفتاح إسماعيل برعاية كويتية

 

 

ومما سبق يتضح أن السعودية كانت سبب كافة المشاكل الداخلية في اليمن وأنها مولت كافة الأطراف وجعلتها متناحرة بشكل دائم والصراع محتدم وظلت تدير المعركة من بعيد بواسطة المال وشراء الذمم والضمائر وهو ما يوضح بجلاء بأن الحرب الراهنة لم تكن وليدة اللحظة وإنما نتيجة أحقاد وضغائن متراكمة ناتجة عن وصية المؤسس للملكة الذي يرى في اليمن خطراٍ داهماٍ إذا ما استقرت الأوضاع فيه وتفرغ أبناؤه للبناء.

 

وقد رأت السعودية في ثورة 21 سبتمبر من العام 2014م خطراً حقيقياً عليها كونها ستقطع ايدي المملكة في اليمن والتي ظلت تلك الايدي مدعومة عبر ما يسمى بمجلس التنسيق السعودي اليمن طيلة عقود ماضية.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com