المنبر الاعلامي الحر

أهمية تحريرها وموقعها في الإستراتيجية الوطنية الكبرى والشاملة.. “تعـز” في أتون الصراع الوطني الإجتماعي التحرري

أهمية تحريرها وموقعها في الإستراتيجية الوطنية الكبرى والشاملة.. “تعـز” في أتون الصراع الوطني الإجتماعي التحرري

يمني برس:

 

 تعز قلب الوطن..إقليم بوزن دولة

 

عاشت اليمن عبر العصور متكئة على ثنائية مركزية يمانية قوية متكاملة موحدة بين صنعاء التاريخية وتعز الكبرى. وهذه الثنائية هي قدر كل الأوطان العظيمة الكبرى في التاريخ، فدمشق إلى جانب حلب، وموسكو إلى جانب بتروجراد، والقاهرة إلى جانب الإسكندرية، وبغداد إلى جانب الموصل، وطهران إلى جانب قم، وإسطنبول إلى جانب أنقرة، وبكين إلى جانب كانتون، وبرلين إلى جانب بون، وكابول إلى جانب قندهار…

 

وهكذا ثنائية تكاملية واحدة لمركز مشترك يجمع الوطن ويشده بعضه إلى بعض ويوحده ويصون استقلاله وحريته ويضاعف أثره وعزمه ونهضته. ومثل هذه الثنائية الإيجابية شهدتها أغلب الشعوب والأمم الناضجة الناهضة وكل مركز هو بحجم وطن ودولة في أصله، ولذلك يصبح قاعدة إضافية لقوة ووحدة الوطن والدولة الموحدة. وقد أراد العدوان ومازال منذ قرنين من الزمان محاولا استثارة الحساسيات المحلية والجهوية التي استثارها الاحتلال التركي الطويل الذي استمر أكثر من قرنين متواصلين، وواصل الاستعمار البريطاني والأمريكي السعودي الخطى نفسها؛ خطى “فرق تسد” في الماضي، ويواصل في الحاضر المحاولة نفسها لإحياء مشاريعه التقسيمية الانفصالية الإضعافية التدميرية الاحترابية الفتنوية الإجرامية في إطار استراتيجياته الاستعمارية للسيطرة وإحكام الهيمنة وإضعاف مراكز الوطن وإثارتها واحدا ضد الآخر، وتحريض المناطق والعشائر والأسر والقبائل والمذاهب والأقاليم لتحترب وتدخل في الحروب الأهلية بعضها ضد بعض، عندها فقط يحقق مصالحه وأهدافه، وهو الوضع الذي يسعى إليه، ومازال يعتبر ذلك أساس سياسته واستراتيجيته الكبرى.

 

وهو يفكر هكذا مادام خصمه يسيطر على صنعاء والشمال يؤيده ويحارب معه وخلفه معارك التصدي والصمود والتحرير الوطني والاستقلال والسيادة والوحدة، فإنه يركز على التأثير في المركز الآخر للوطن، وبعد أن ضمن السيطرة على الجنوب فإنها مشكوك في أمرها دون السيطرة على تعز وجوارها الاجتماعي الذي تمثله، وهو هنا بالنسبة لتقديراته تعز.

 

إن تعز مطلوبة لذاتها كمركز ضام وجامع إقليمي لعدد من الأقاليم المجاورة، ومطلوبة لغيرها بالنسبة للحفاظ على انسلاخ الجنوب في إطار السيطرة الاحتلالية العدوانية القائمة الآن، لكن السيطرة على الجنوب مشكوك فيها طالما لم تكن تعز هي الحاجز والتارس لأي تهديدات من قبل الشمال المركزي الجبلي، فتعز هي التي تمنح الانفصال الجنوبي معنى الدول ومعنى الثقل السكاني ومعنى الشعب ومعنى الأهمية الدولية والاستراتيجية بما تمثله، كما تعطي الانسلاخ معنى الكوادر الإدارية والتعليمية والثقافية والصناعية والزراعية الحديثة والحداثة ومعنى التنمية الوطنية المحلية الذاتية والتعاونية والتكافل الاجتماعي والتسامح والأخوة والنهضة، كما تمنح الكيان الانفصالي الهضبة الاستراتيجية التي لا يملكها الجنوب التاريخي من مرتفعات جبلية وعمق داخلي جغرافي استراتيجي يمكنه من إدارة وتنظيم الدفاع الحربي والعسكري ضد دعاة الوحدة والتحرير الوطني والاستقلال والسيادة ومركزها في صنعاء، وهو عمق لا تملكه الجغرافيا الجنوبية بوضعها الحالي، حيث لا تستطيع إدارة تمرد عسكري لوقت طويل دون الارتكاز على مرتفعات تعز الجنوبية والغربية والشرقية.

 

من هنا تنبع الأهمية المزدوجة لتعز في منظور الاستعمار والاحتلال الراهن، فمن جهة أهميتها الاستراتيجية كمنفذ وممر دولي هو الأهم والأخطر يقع تحت سيطرتها، ومن جهة أخرى أنها مطلوبة لتؤدي دور الترس الضخم لإيقاف تقدم الجيش واللجان الشعبية نحو الجنوب لتحريره وتوحيده مجددا، لذلك يربط العدوان وعملاؤه استراتيجيتهم باستراتيجية العدوان الانفصالية في سلخ الجنوب ممنيهم أن يكون لتعز مكانة خاصة جدا في المنظومة العدوانية الجديدة في حال نجاحها، وهذا هو سر عهد السعودية بتعز إلى الإمارات و”إسرائيل” وبريطانيا بوصفهم المختصين بتمرير وتنفيذ الشق المؤامراتي الخاص بالانفصال الجنوبي وسلخ باب المندب عن السيادة اليمنية المستقلة. وتأتي إقامة قواعد إماراتية جديدة في باب المندب وميون قبل أسابيع قليلة لتكشف المزيد عن الدور الإماراتي – “الإسرائيلي” الجديد القديم.

 

ومن المهم الإشارة إلى أن تعز تدار بشكل مركب مزدوج تحضر فيه جميع أطراف العدوان وأسيادهم الدوليين والإقليميين على اختلافهم الثانوي أحياناً حول المكاسب والمغانم؛ لأن تعز تتقاطع مع الاستراتيجيتين العدوانيتين المتمثلتين في المؤامرة الانفصالية في الجنوب، حيث تدخل تعز وأجزاء منها في المشروع المباشر للانفصال، كما تدخل تعز مباشرة في المشروع الإمبريالي التوسعي المتمثل في السيطرة على الملاحة وعلى باب المندب وميون وغيرها من الجزر والشواطئ.

 

وبعد أن يئس العدوان من استمرار السيطرة على مأرب والجوف، فإن العدوان يركز بشكل مضاعف على الاحتفاظ بتعز لتعويض ما خسره ولو قليلا لتحسين موقفه التفاوضي والعسكري والحربي والاستراتيجي. من هنا فإن العدوان سوف يركز طاقته العدوانية الحربية السياسية، والاحتمالات تبقى مفتوحة عندئذ، فالآفاق مفتوحة ومحملة بإمكانات عديدة لتحركات العدو، وتدخل كلها في إطار الدفاع بالهجوم.

 

وهذه التحركات في ميون وباب المندب والمخا وتعز كلها تستبق التطورات القادمة التي تصنع وتتخلق الآن في ميادين وساحات مأرب الحاسمة، وهو ما يفسر ذلك التحرك المحموم على المستويات السياسية والإنسانية والدبلوماسية الضخمة التي تقودها الإدارة الأمريكية الجديدة والسعودية والبريطانية والصهيونية.

 

إن تعز في منظور الاحتلال والاستعمار العدواني الراهن والقديم هي بمثابة الحاجز التارس الفاصل بين أقاليم اليمن الشمالية والجنوبية، وقاعدة انقسامها واحترابها وتفاصلها وضياعها واحدا تلو الآخر من بين أيدي اليمانيين المتطامعين المغفلين المتغافلين عن الخطر العام إلى أيدي الطامع الأكبر والمشغل والممول الأكبر والراعي الأخوي الأكبر والشقيق الصهيوني المباشر. إنها في المنظور العدواني الاحتلالي قاعدة للتخريب والاحتلال والتدمير الذاتي للوطن ووحدته ونسيجه الاجتماعي والثقافي والعقيدي.

 

أوهام الفريق الاستعماري المخادع

 

كثير من البلهاء المحليين المغفلين والقادة السياسيين والمرتزقة العاديين والمتحزبين السذج يتصورون ويصور لهم أوثانهم وكهنتهم أن تعز ومواطنيها لا ينتمون إلى مجتمع الهضبة الجبلية القبلية الزيدية العلوية كما يصورونهم سلبيا بحثا عن الاختلافات، وهذا محض اختلاق فتنوي لا أساس له في التاريخ إطلاقا ولا يؤيده أي شاهد علمي موضوعي. إنها من بقايا استلاب الوعي العثماني التركي الشوفيني المتعصب المتطرف الكاره لليمن، هو الذي أرساه واختلقه وزرعه في الفكر وفي بعض النفوس زرعا، وكلفه الكثير من الجهود والسياسات والمخططات، وأحدها زرع أتباعه ومريديه وبقاياه العنصريين الأتراك بين القبائل والعشائر، وهو ما كان يعرف بالنقائل التركية، فيوليهم ويملكهم أراضي القبائل وأموالها ويجند لهم رجالا محاربين في حوزاتهم يقمع بهم كل المعارضين، ويعينهم شيوخا على الضمان فوق شيوخ العشائر المحلية، وكانت مهمتهم الرئيسية غرس أفكار الانفصال المذهبي والطائفي والتعصب العنصري القبلي المقيت بين الناس وإثارة الصراعات والمنازعات بينهم ليمنع وحدتهم وقوتهم واتحادهم على الظلم والاستبداد والفساد، وكانت (تعز ـ إب) مركزا رئيسيا لتمركز القوات العثمانية والنظام الاحتلالي العثماني لليمن ومنفذه الأساسي خلال الاحتلالين وأداته الإدارية ومؤخرته التموينية في الحرب على قوات المقاومة الوطنية (شمالا وجنوبا).

 

الوعي الوطني يتغلب على فتنة المستعمر المكرورة

 

في كل الحملات والتحركات الاستعمارية، كان المستعمرون حين يطمعون بتعز واليمن ككل يبدؤون بتقسيم مركزيها الكبيرين في مواجهة بعضهما البعض، تعز ضد صنعاء، وصنعاء ضد تعز. ولا ننكر أنه قد نجح في بعض العصور والظروف القديمة والحديثة في تقسيم اليمنيين، ولكن لبعض الوقت، فما إن يدرك اليمنيون حقيقة المؤامرة التي ينفذونها لصالح عدوهم المشترك يسارعون إلى تقديم التنازلات لبعضهم البعض ويكفون عن المناكفات والمشاحنات التي وقعوا في كمائنها، وتظهر صفوف وطنية جديدة إلى الواجهة بعد تجاوزها الصفوف التي انساقت مع الفتنة الاستعمارية والأجنبية البغيضة ونظّرت لها وأصّلت وكتبت ونادت وحرضت وأفتت، ولنا في التاريخ خير شاهد ومثال على مدى وعي اليمانيين الوطني وعلى وعي أبناء تعز الوطنيين الثوريين.

 

الوعي المكوي المتضخم فراغا

 

في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي بعد الاستقلال الذي أنجزته الحركة الوطنية التحررية العظيمة بقيادة الإمام يحيى، وكان المستعمر التركي قد اتفق مع البريطاني مسبقا على تقاسم اليمن ومنافعه ومخادمه بعضهم مع بعض رغم النزاعات الظاهرية بينهما، كان من ضمن ما اتفقوا عليه إبقاء تعز والبيضاء وتهامة والمخلاف السليماني و”المناطق الشافعية” -كما كانت تسميها آنذاك- خارج تسليمها إلى الحكومة اليمنية في صنعاء من قبل الأتراك بعد خروجهم الأخير، وقد حرضوا السكان على المطالبة بالانفصال في دويلة “شافعية” ثالثة أو الانضمام إلى الكيان الاستعماري السلاطيني في جنوب اليمن المحتل آنذاك. وكان الإنجليز والسعوديون يقفون خلف هذا المشروع التقسيمي. وكان السلاح هو التحريض المذهبي الطائفي والقبلي الاحترابي ووعود بالدعم والمال والسلاح والمساعدات.

 

كان هدف المستعمر القديم والجديد، الذي كان يقف خلف التحريض الطائفي، هو القضم والسلخ التدريجي للمخا وباب المندب وعسير وجيزان ونجران وتهامة، لتكون تحت هيمنة الاستعمار البريطاني ـ السعودي ـ الصهيوني. 

 

تحتل مسألة تحرير تعز، الإقليم اليمني المحتل، مكانة مركزية قصوى في الاستراتيجية الوطنية العامة، انطلاقا من حقيقة أهمية تعز الاستراتيجية والوطنية والحضارية على مستوى الوطن والتاريخ، وعلى مستوى استراتيجية مقاومة العدوان الشامل وحروبه الباردة والساخنة والرمادية.

 

تعز.. المقومات الوطنية في عين الاستهداف

 

تكتسب تعز أهميتها من الطبيعة المميزة للمحافظة والإقليم والساحل والجزر والممرات، ومن الثقل السكاني والثقافي والاقتصادي والتاريخي والسياسي والاجتماعي والحضاري، وتأثيره في سياق التاريخ الوطني العام، ومن خصائصها المكانية الجغرافية والاجتماعية والتاريخية والاستراتيجية، وعلاقة ذلك بالأطماع الإمبريالية الاستعمارية الشاملة التي تكشف عنها بصراحه دول العدوان والهيمنة الإقليمية والدولية في كل مناسبة وبدون مناسبة، ويكفي الإشارة إلى حقيقة كون تعز كانت إلى زمن قريب هي العاصمة السياسية والثقافية والاقتصادية والإدارية والعلمية والتحريرية للوطن، وكانت دوما العاصمة الثانية بعد صنعاء (العاصمة الأولى)، وكانت قد قبلت بترحاب شديد أن تمنح هذا الموقع لدولة الوحدة اليمنية ومن أجلها، وكانت في مواجهة الاحتلال الاستعماري البريطاني للجنوب اليمني قد تحولت إلى قاعدة تحريرية ضد الوجود الاستعماري في الجنوب، وأن تتحمل عبء الكفاح الوطني إلى جانب أبناء الجنوب اليمني الذين هبوا من كل مكان استجابة لنداء التحرير والاستقلال والوحدة، وكانت تعز قاعدة الجمهورية الأولى التحررية العروبية الثورية التي انطلقت بعد ثورة سبتمبر 62 في مواجهة الموجة الرجعية العاتية الاستعمارية السعودية الأمريكية البريطانية الصهيونية المعادية للشعب اليمني الناهض ولثورته ولحقه في العيش بكرامة وعزة واستقلال، بعد أن كابدت الأوضاع الاستبدادية الظلامية والتبعية والاستعمارية والتوسعية الإقطاعية التي جثمت على صدور اليمنيين عقوداً وعقوداً، في ظل عجز ورخاوة الحكومات المهترئة المستكينة لضغوط الإمبريالية أو التابعة لها شمالا وجنوبا. 

 

وليس سرا أن أغلب مكونات الجيش الجمهوري المقاتل في جميع الجبهات الجمهورية الثائرة كانت من أبناء تعز إلى جانب إب والبيضاء وذمار وريمة، وخاصة قيادات الجيش اليمني الجمهوري الحديث وخريجي الكليات العسكرية والتخصصية، فقد أدت تعز دور خزان بشري عسكري وسياسي وإداري واقتصادي، وهو الأكبر والأهم بين جميع المحافظات اليمنية، وكانت الأكثر حماسا في نصرة الجمهورية والثورة وتحرير الجنوب من الاحتلال، وإذا كانت محارق الحرب قد أكلت أكثر من مليون شخص طوال 8 سنوات، فقد كانت النسبة الأكبر من تعز.

 

كما كانت تعز جوهر ونخبة الشعب الثوري الوطني الذي هب أبناؤه إلى نجدة العاصمة صنعاء في حصار السبعين يوما الشهير الذي أطبقته الرجعية السعودية الأمريكية وعملاؤهما على الوطن وعلى العاصمة صنعاء في نهاية القرن الماضي، وقد شاركت الشعب كله شرف الكفاح وكسر الحصار على العاصمة، وكان إسهامها خاصا متميزا يفوق جميع المحافظات الأخرى، وهذا باعتراف الجميع وباعتراف التاريخ الوطني اليمني.

 

كما كان لتعز شرف السبق الوطني الثوري في مناهضة الطغيان الذي جثم على الوطن كله، فبعد الانقلاب السعودي الوهابي الإخواني في الخامس من نوفمبر 67 الذي دبرته السعودية وأعوانها، وأقامت أنظمة ديناصورية عميلة للقهر والتبعية طوال نصف قرن من الزمن، بادرت تعز وأبناؤها إلى تنظيم المعركة الوطنية التحررية الثورية ضد الطغاة وأنظمتهم وإقامة المنظمات الثورية الكفاحية ضد الطغيان، ونظمت الأحزاب الثورية والجبهات الشعبية والمليشيات الشعبية ضد الطغيان التبعي، وكان الجهد الرئيسي في قيادتها وتكوينها وقوامها وسوادها الأعظم لأبناء تعز الأحرار المقاومين الثوريين الذين قدموا آلاف الشهداء والجرحى والمصابين والمعاقين من المعتقلين والمشردين والمطاردين.

 

تعز في مواجهة الطغيان الصالحي

 

وكانت تعز أهم قوة وأثقلها وأكثرها تأثيرا في مواجهة نظام الطغيان الصالحي طوال ثلاثين عاما من الجهاد الشعبي والثوري، حتى فرضت الوحدة اليمنية والوطنية على النظام وأسياده السعوديين والأمريكيين.

 

روح الثورة الوطنية والوحدة

 

وكانت صاحبه اليد الطولى في ترسيخ مفاهيم ومبادئ الوطنية والديمقراطية والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والتحرر الوطني والوحدة الشاملة والتقدم والنهضة والتنمية والدولة الوطنية العادلة شمالا وجنوبا ومناوأة الإمبريالية والاستعمار والتبعية والتمييز والتفرقة والاستبداد والرجعية.

 

مهد الثورات الشعبية الوطنية

 

وأخيراً، كان لتعز الشرف الكبير في تفجير الثورة الشعبية الشبابية في الحادي عشر من فبراير 2011، التي جرى تعميمها على الوطن كله، وكانت أكثر المحافظات في تقديم الشهداء ومواجهة عصابات الاستبداد، وأدارت حربا شعبية طويلة في مواجهة النظام العائلي العسكري الباطش، وقد سقته بعد أن شربت من بطشه حتى أسقطته وتحدته وكسرت حاجز الخوف والرعب الذي فرضه على الوطن طويلا.

 

تعز في مواجهة التآمر على الثورة الشعبية الشبابية

 

كما تصدت تعز وشبابها الثوري الوطني الواعي لمناورات السلفية الإخوانية السعودية ولعلي محسن وحميد الأحمر والزنداني ومشتركاتهم وأتباعهم وسواهم من أساطين استبداد النظام الصالحي التبعي الاستعماري الوحشي وأظافره، وحدد شبابها ومناضلوها الثوريون في الساحات والميادين أهداف الثورة وشعاراتها الأساسية وفضحوا بقوة كل محاولاتهم التآمرية للالتفاف على الثورة وأهدافها بعد أن اصطدموا بالشعب الثائر وجماهيره وقواه الوطنية.

 

كما قادت تعز الثورية الشعبية التحالف مع القوى المظلومة في صعدة والجنوب وتهامة وغيرها، مما خلق تكتلا ثوريا شعبيا جديدا أعاق مؤامرة الرجعية في خداع الشعب وإعادة نسخ النظام القديم بأسماء جديدة، وعارضوا المبادرة المشؤومة التي أعلنت إفلاس القوى التابعة والملونة والانتهازية، وهو ما مكن من انتصار الثورة الشعبية وتحقيق أهدافها وإسقاط النظام الديكتاتوري كاملا بكل جوانبه وصوره وشخوصه.

 

وقد أسهمت تعز في الثورة الشعبية بأكبر المساهمات البشرية والتضحيات والطاقات والقدرات الثورية المتجددة، وقد ظلت تعز موئلا دائما للحركة الوطنية الثورية، وفيها تفتقت أفكار الثورة والجمهورية منذ الخمسينيات، وفيها بدأت النهضة التعليمية الوطنية، والتي أشعت منها إلى بقية المحافظات والمناطق اليمنية، وفيها تكونت بوادر الاقتصاد الحديث وبدأت حركة ونهضة التعاونيات الأهلية التي أوصلت الطرقات والمدارس والمؤسسات الصحية والاتصالات والكهرباء والمياه على حساب مواطنيها وتعاونياتها ورجالها ومغتربيها وعمالها وتجارها الوطنيين وكوادرها، وكانت في طليعة التحصيل الجامعي لأبنائها رغم الظروف الشاقة التي كانت تلم باليمنيين.

 

تعز الوطن الحر الموحد

 

كما تصدت تعز في وقت مبكر للدعوات العدوانية المضللة للتقسيم المذهبي والطائفي والجغرافي والسياسي التي حاولها الاستعمار والرجعية السعودية من مطلع الاستقلال اليمني مطلع القرن العشرين حين أعلنت بصوت واحد رفض الفرقة والانعزالية الجغرافية والسياسية والانفصالية التي عرضت عليها من قبل الأتراك والإنجليز وعملائهم ووكلائهم.

 

وفي مؤتمر العماقي الشعبي في الحوبان الذي انعقد مطلع القرن الماضي عشية خروج الأتراك من اليمن بعد هزيمتهم أمام قوى التحرير الوطني الشعبي بقيادة الإمام يحيى، تم التصدي للدعوات والمناورات الاستعمارية التي كانت تحاك في أوساط عديدة بهدف فصل المحافظة عن الوطن الأم، وهو المشروع الذي دعمته الرجعية والاستعمار البريطاني، مستغلاً التهميش الذي كابدته تعز من قبل أنظمة الجور السياسي والاجتماعي التي سادت في الماضي لتهز إيمانها بالوحدة الوطنية والتحرير الوطني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وانتصرت تعز دوما لقيم الكفاح الوطني والاستقلال والأخوة والمحبة والحضارة ورفض الشطرية والإقليمية والجهوية والفساد السياسي والعام.

 

تلك هي تعز وذلك هو معدنها الصلب وجوهرها النقي، وقد كانت على الدوام وعبر التاريخ القديم والحديث والمعاصر والراهن مطمعا استراتيجيا للإمبراطوريات الأجنبية والدول المحيطة باليمن والمنطقة، حيث شكلت المحافظة منفذا للغزاة القادمين من الغرب والجنوب البحريين بحكم موقها الاستراتيجي الجغرافي وتركيبتها الإقليمية وحجمها وانفتاحها على الداخل المركزي الهضبي والصحراوي في كل اتجاه.

 

وخلال العهد الإسلامي كانت تعز قد أصبحت مركزا للعديد من الدول الوطنية التي أعادت توحيد اليمن واستقلاله في دولة وطنية موحدة تضم كل أقاليم اليمن، وخاصة خلال الدول الرسولية والفاطمية والإسماعيلية والإمامية الحديثة، وكانت بمواردها وطاقاتها ومنافذها الدولية قادرة على تنظيم وتسيير دولة كبيرة، وأن تكون مركزا وطنيا جامعا، وأن تؤمن السيطرة على الممر اليمني الاستراتيجي الشهير (باب المندب) ومداخله وجزره وسواحله.

 

(علي نعمان المقطري – صحيفة لا )

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com