المنبر الاعلامي الحر

كيف تشكلت معادلات الصراع؟.. اليمن في قلب «حلف القدس»

كيف تشكلت معادلات الصراع؟.. اليمن في قلب «حلف القدس»

يمني برس:

 

بعد سنوات من الحرب والعدوان على اليمن، لم تنتصر السعودية وحلفاؤها، ولم تنجح “إسرائيل” في ما خططت له وأرادته لليمن، فأين اليمن من الصراع مع المحتل؟ وما الدور الذي يمكن أن يلعبه في الحرب الشاملة؟

 

منذ الأيام الأولى للعدوان على اليمن في 2015، انتهزت “إسرائيل” الفرصة للدخول على خط الحرب، لتبدو في موقع الداعم للعدوان السعودي، وتحميل حركة “أنصار الله” ومن ورائها إيران المسؤولية عن الحرب، وكأن الحركة هي من تعتدي وتهاجم السعودية وليس العكس.

 

هنا برزت مواقف رئيس الوزراء “الإسرائيلي” السابق بنيامين نتنياهو، الذي قال في أحد تصريحاته إن إيران “تحاول القيام بحركة في الجنوب من أجل السيطرة على الشرق الأوسط برمته.. محور إيران – لوزان – اليمن خطير جداً على البشرية جمعاء ويجب التصدي له”، بحسب تعبيره حينها.

 

ومع مرور الأيام تعدى الأمر التصريحات الكلامية والمواقف، وبدأت الأمور تتجلى أكثر فأكثر وبالتعاون مع دول التحالف السعودي، وخصوصاً الإمارات التي خططت مع “إسرائيل” لإنشاء قواعد عسكرية واستخباراتية عدة في جزيرة سقطرى، التي ستكون ثاني أكبر قاعدة استخبارية لـ”إسرائيل” في المنطقة.

 

هذه النقاط سعى الإعلام “الإسرائيلي” والأمريكي لإبرازها بشكل كبير، فالكاتب “الإسرائيلي” ريتشارد سيلفرستيان تحدث في مدونة “تيكون عولام” عن القواعد العسكرية التي تنشئها “إسرائيل” سراً، في الخليج بعد عملية التطبيع، وتخطيطها لإنشاء قاعدة سرية في جزيرة سقطرى اليمنية والتي ستسمح لها بمراقبة الحركة التجارية بين إيران والصين.

 

يبرز أيضاً في هذا الإطار عزم الإمارات و”إسرائيل” على إنشاء مرافق عسكرية واستخبارية في الجزيرة، كشفه موقع “ساوث فرونت” الأمريكي، إذ نقل الموقع عن مصادر عربية وفرنسية في شهر أيلول/سبتمبر من العام الماضي أن “وفداً ضم ضباطاً إماراتيين وإسرائيليين زاروا الجزيرة أخيراً، وفحصوا عدة مواقع بهدف إنشاء مرافق استخبارية”.

 

لماذا اليمن؟ الطريق تمر من صنعاء

 

أمور كثيرة تراهن عليها “إسرائيل”، من ضمنها وضع الإمارات يدها على بعض مقدرات اليمن وجزره، إضافةً إلى سطوتها ونفوذها عبر المجلس الانتقالي الجنوبي، وأن الأخيرة تبغي من وراء ذلك تمكين “إسرائيل” من الإشراف على بحار وممرات استراتيجية قريبة من جزيرة سقطرى.

 

بالتفصيل شرح موقع “إسرائيل ديفينس” في مقال مفصل له سبب إصرار “إسرائيل” على اليمن، قائلاً إن “إحدى الأطروحات هي مساعدة السعودية في إطار مفاوضات دبلوماسية. في إسرائيل يريدون إنجاز اتفاق تطبيع مع السعودية، ويعلمون أن الطريق إلى الرياض تمر بصنعاء، وإذا أرادوا تقديم هدية لولي العهد محمد بن سلمان، ليس هناك هدية أفضل من المساعدة ضد الحوثيين”، بحسب الموقع.

 

ووفق الموقع فإنه “رغم الأموال التي تملكها السعودية والتي تشتري بها وسائل قتالية باهظة، يجدون صعوبة في التعامل مع القتال اللامتناظر مع الحوثيين. في البر، يتلقّى السعوديون خسائر بالأرواح والعتاد، لذلك يركّزون على المعركة الجوية، التي أيضاً ليست ناجحة كثيراً”.

 

وعند السؤال: لماذا اليمن؟ لا يمكن غض النظر عن أهمية اليمن الاستراتيجية، فهو في قلب معادلات الصراع في المنطقة كونه يطل على ثاني أهم مضيق (باب المندب) في العالم من الناحية الاستراتيجية، بعد قناة السويس، لأنه يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي.

 

هذا المضيق بالتحديد، سعت دول إقليمية ودولية إلى إنشاء قواعد عسكرية قربه، بهدف التحكم بحركة المرور البحري. ومع تصاعد الأزمة في اليمن عاد الحديث عن أهمية المضيق، لاسيما بعد فشل التحالف السعودي في السيطرة الكاملة عليه، بعد إحكام الجيش اليمني واللجان الشعبية السيطرة على نقاط متعددة في الساحل اليمني، ما أثار مخاوف دوائر القرار الغربية، من تهديد محتمل للممر المائي.

 

يذكر أن أهمية المضيق دفعت مصر لمحاولة السيطرة عليه خلال حرب 1973 لمنع مرور السفن “الإسرائيلية”، كما يوفر المضيق ممراً سهلاً وقصيراً للسفن التجارية حول العالم.

 

خوف “إسرائيلي” من القدرات اليمنية 

 

قواعد الاشتباك تغيرت، والمفاجأة التي لم تحسب “إسرائيل” حسابها هي تطور القدرات اليمنية من الصواريخ الباليسيتة إلى الطائرات المسيرة، الدليل على ذلك ما قاله معلّق الشؤون العسكريّة في القناة (14) ألون بن ديفيد، “عندما تسمع عن غواصةٍ إسرائيليّةٍ تتواجد في البحر الأحمر -ليس بالضرورة أن يكون هدفها الخليج- أقول إنّ أكثر ما يقلق إسرائيل هي القدرات الإيرانية في اليمن، وقد أعرب المتحدث باسم الجيش عن ذلك بشكلٍ علني”، وفق تعبيره.

 

في أكثر من مناسبة تحدث الإعلام “الإسرائيلي” عن خوف “الإسرائيليين” من هذه القدرات، على سبيل المثال، ما تحدثت عنه القناة (13 إن) “الأمر قد يبدو غريباً لأغلب الإسرائيليين عند سماع اليمن التي لم تكن في أيّ مرة على خريطة التهديدات، لكن نعم إنها اليمن -الطائرات المسيّرة الإيرانيّة، كتلك الطائرات التي هاجمت شركة النفط السعوديّة أرامكو، يمكن أن تصل من اليمن إلى إسرائيل”.

 

الخوف الذي تجلى بشكل كبير ظهر في اعترافات المتحدث باسم الجيش “الإسرائيلي” العميد هيداي زيلبرمان، في تصريحٍ له لموقع “إيلاف” الإخباري السعودي أنّ “إسرائيل” تراقب تحرّكات طهران في المنطقة وتتوقّع أن “يأتي هجومٌ إيراني من العراق واليمن”.

 

وأشار إلى أنّ “إيران طوّرت مجموعةً واسعةً من القدرات في المنطقة -وتحديداً في هذين البلدين- تشمل طائراتٍ متطوّرة بدون طيّار وصواريخ موجّهة عن بعد”.

 

الجدير بالذكر أن مع كل ضربة يمينة للسعودية والإمارات كان الصديق المقرب منهما بنيامين نتنياهو يستغل الوضع ليقول إن “إيران تدخل أسلحة دقيقة لضرب أيِّ هدف في الشرق الأوسط، وتهدف إلى تطوير ذلك، وبدأت بالفعل في إدخالها لليمن لضرب إسرائيل من هناك”.

 

تهديدات يمنية بضرب ميناء “إيلات”

 

منذ بداية الحرب أعلنت القوات المسلحة اليمنية بنك أهداف طويلاً بكل وضوح، ومن أبرز الرسائل اليمنية لـ”إسرائيل” وحلفائها هي الضربة الناجحة والدقيقة التي استهدفت شركة أرامكو في بقيق في أيلول/ سبتمبر 2019، ووصل صداها إلى فلسطين المحتلة، إضافةً إلى ضربة صاروخ “قدس 2” المجنّح الذي استهدف منشآت لشركة “أرامكو” قرب جدة، بالتزامن مع زيارة نتنياهو السرية إلى نيوم.

 

لكن تبقى قنبلة التصاريح الإعلامية، ما كشفه عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله عبدالوهاب المحبشي في مقابلة خاصة على “الميادين” في شهر تشرين الثاني/نوفمبر العام الماضي أن اليمن يعمل على تطوير الصاروخ الذي استهدف أرامكو في جدة السعودية ليصل إلى مدى يُمكّنه من استهداف ميناء إيلات في فلسطين المحتلة.

 

وبعد أن بدأت “إسرائيل” بالتحرك عسكرياً في المنطقة بعد التطبيع مع دول الخليج، قال نائب رئيس “حكومة صنعاء” لشؤون الدفاع والأمن جلال الرويشان إن صنعاء قادرة على ضرب أهداف “إسرائيلية” حساسة في حال ارتكبت أي حماقة ضد اليمن. 

 

تصريح يمني مقاوم آخر جاء على لسان وزارة الخارجية اليمنية محذرةً من أن “أيّ عمل متهور للكيان الصهيوني في المنطقة سيشعل حرباً شاملة”، ومؤكّدةً أنه “في حال إقدام الكيان الصهيوني على أيّ تحرك أو عمل متهور يمس اليمن، فإن أي مصالح لإسرائيل أو شركائها في البحر الأحمر، ستكون هدفاً مشروعاً في إطار حق الرد الذي كفلته كافة المواثيق والاتفاقيات الدولية”.

 

بالمحصلة، انتقل اليمن بجدارة ليكون في صف المدافعين عن القضية الفلسطينية وفي قلب محور المقاومة، ويؤكد على ذلك قول قائد حركة “أنصار الله”، السيد عبدالملك الحوثي: “نحن جزء لا يتجزأ من المعادلة التي أعلنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وأن التهديد للقدس يعني حرباً إقليمية في إطار محور المقاومة”.

 

*ندين عباس – كـاتبـة وصحفيـة لبنـانيـة

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com