بشائر “الفتح الموعود”.. حين تتدحرج صخرة “الوهم الصهيوني”
بشائر “الفتح الموعود”.. حين تتدحرج صخرة “الوهم الصهيوني”
يمني برس | تقرير خاص
كان الأحد الـ 27 من ذي القعدة 1446ھ، يوماً عادياً، حتى اخترق الفرط صوتي اليماني جدران الحماية للمدن المحتلة، ، من رحاب القدس العريقة إلى حياض يافا المحتلة وحتى شواطئ البحر الميت، انطلقت صافرات الإنذار، ملقيةً بظلال الخوف على ملايين الصهاينة, لم يكن الأمر مجرد تدريب، بل صاروخ أُطلق من اليمن.
في لحظات، تحولت الشوارع إلى موجات من الهلع، حيث هرع المغتصبون الصهاينة إلى الملاجئ، بحثاً عن أي ملجأ من هذا الخطر القادم من بعيد. وفي السماء، تعطلت حركة الملاحة الجوية في مطار اللد “بن غوريون”، الطائرات القادمة إلى مطار اللد ترتبك و تدور فوق البحر الأبيض المتوسط، عاجزة عن الهبوط. كان هذا الشهاب الرصَدُ الفرط صوتي، القادم من بلد أنهكته سنوات الحرب، إعلاناً صريحاً بأن قواعد اللعبة قد تغيرت.
بشائر “الفتح الموعود”: صخرة الوهم الصهيوني تتهاوى
شهدت المنطقة، على مدار أكثر من عام ونصف، تحولاً جذرياً في موازين القوى، حيث لم يقف اليمن مكتوف الأيدي أمام الإبادة الجماعية التي تتعرض لها غزة، في إطار مشروع إسرائيلي أمريكي يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية والهيمنة على مقدرات المنطقة. دخلت القوات المسلحة اليمنية في معركة “طوفان الأقصى” تحت شعار “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، مؤكدةً على إسنادها المتواصل والمتصاعد لغزة.
وفي صميم هذه المواجهة الكبرى، وعلى إيقاع دماء الأبرياء التي سالت في فلسطين، تتوالى الأحداث لتنبئ بفجرٍ قادم لا محالة. إنه فجرٌ يشرق على أمة انتفضت من سباتها، وها هي تستعد لتسديد الضربة القاضية في تصفية حسابٍ مثقِلٍ على كاهلها. إنها ساعة الصفر، اللحظة التي ستبدأ منها مسيرة التحرير الأكبر، ونهاية الكيان الصهيوني الملطخ بالدماء.
قبل الانخراط اليمني في إسناد غزة، لم يكن أحد يدرك أوراق القوة التي يمتلكها هذا البلد المنهك بالحرب والعدوان المستمر على مدى أكثر من عشر سنوات، وما ترافق معه من دمار وتراجع في الناتج المحلي والإيرادات الحكومية، وانقطاع الرواتب، بفعل الحصار السعودي الأمريكي. كلها عوامل كانت تجعل من اليمن آخر من يفكر بإسناد غزة، نظراً لبعد المسافة، وقلة الإمكانات، مقارنة بالتقدم التكنولوجي والتقني الهائل للعدو الإسرائيلي. لكن الأمور في اليمن لم تعد تقاس بمقاييس مادية بحتة، فهناك الكثير من أوراق القوة التي أشهرتها اليمن في وجه العدو الإسرائيلي وأثبتت نجاعتها، وأصبحت محط إعجاب وتساؤل عن كل الخطوات والمراحل: كيف بدأت؟ وكيف أنجزت؟ وكيف نجحت؟
التهيئة والتحضير.. رؤية سابقة لعقدين
لا يظنَّن أحد أن ما نراه اليوم من صمود يمنيّ هو وليد اللحظة، أو رد فعل طارئ مع “طوفان الأقصى”. المسيرة اليمنية لم تولد من رحم الصدفة، بل هي رحلة تحضير وتخطيط امتدت لأكثر من عقدين من الزمان. كانت تستعد لمعركة كهذه تحديداً، معركة ضد العدو الإسرائيلي ومن خلفه الداعم الأكبر، أمريكا.
لتعود بنا الذاكرة إلى الوراء، وتحديداً إلى حيث السيد الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، “حفظه الله”، فهو من بدأ هذه الملحمة، يشحذ الهمم، يعبئ الجماهير، ويضع الأسس والخطط والبرامج. كان يرى بنور بصيرته نقاط الضعف ومواطن القوة لدى الأمة ولدى عدوها. لقد حدد بوضوح هذا العدو: “أمريكا” و”إسرائيل”. وصاغ الشعار الذي أصبح اليوم رمزاً: “الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”. هذا الشعار لم يكن مجرد صرخة، بل كان وما زال خطة عمل متكاملة وواضحة. ربط الأمة بالله تعالى، حذر من خطورة العدو، واختتم بالأمل الموعود من الله: النصر.
لقد كانت هذه البذرة الرئيسية قد زرعت قبل أكثر من عشرين عاماً، إعداداً وتحضيراً لـ”اليوم الموعود”. ورغم التحديات الجسام، والمخاطر، والتهديدات التي واجهتها المسيرة، إلا أنها صمدت. وبفضل الله تعالى، وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم، تجسيداً عملياً لوعد الله. هذا التجسيد كان دافعاً لا يتوقف للاستمرار في التحدي والانخراط بكل قوة في معركة “طوفان الأقصى”، تحت عنوان “الفتح الموعود والجهاد المقدس”. كانت المسيرة تتنقل من مرحلة إلى أخرى، حاملة معها وهج الإنجازات والنجاحات والانتصارات، وكل ذلك كان يزيد من الثقة بالله تعالى يوماً بعد يوم، ويرسخ ثقافة التوكل عليه، والاعتماد المطلق على وعده بنصر أوليائه وإحباط أعدائه.
اليمن.. رائدة الفتح الموعود وصواريخ الفرط صوتية اليمانية
لعل أبرز بشائر هذه الساعة المنتظرة في استعدادات “محور المقاومة” هي تلك التي انطلقت من يمن الإيمان والحكمة، الصواريخ الفرط صوتية اليمانية. هذه الصواريخ لم تكن يوماً مجرد أسلحة للاستعراض ومادة دعائية للاستهلاك الإعلامي ، بل هي صرخة حق مدوية، وترجمة عملية لمدى الاستعدادات والجهوزية والاستنفار العام، وتجهيز الخطط الدفاعية والهجومية الرادعة. لقد عبرت عن جهوزية غير مسبوقة، وأخذت المستجدات بمستواها من الاستعداد واليقظة، لتؤكد أن قائد المسيرة القرآنية المظفرة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، سلام الله عليه، قد أطلق الفرط صوتي كشرارة أولى لمعركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، وأن النصر الأكبر بات وشيكاً، وأن وهم القوة الصهيونية تبدد، وباتت تلك القوة صخرته على وشك أن تُثقب.
وفي المعركة التي تتشكل ملامحها، يبرز اليمن كقوة رادعة ومبشرة بالنصر. إن الصواريخ الفرط صوتية اليمانية مقربة المسافات مع العدو الصهيو-أمريكي، لم تعد مجرد إضافة نوعية للقدرات العسكرية فحسب، بل أصبحت رسالة استراتيجية بعيدة المدى. إنها تعكس رؤية شاملة للجهوزية والاستنفار العام، وتؤكد أن قوى المقاومة لا تعمل بمنطق رد الفعل فحسب، بل بمنطق المبادرة وتجهيز الخطط الدفاعية والهجومية الرادعة. هذه الصواريخ، بقدراتها الفائقة التي حيرت الأعداء، هي تجسيد حي لروح “الجهاد المقدس”، وتأكيد على أن “محور المقاومة” يمتلك من الإرادة والقدرة ما يمكنه من قلب الطاولة على العدو، وتحقيق “الفتح الموعود” الذي طال انتظاره. إنها بشائر النصر الأكبر، التي ستتوج معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، بما باتت تمتلك من تأكيدات على أن الاستعدادات قد بلغت ذروتها، وأن ساعة الحسم باتت أقرب من أي وقت مضى.
تصدعات الكيان.. الحريديم وقشة الانهيار
بينما يحاول الكيان الصهيوني رسم صورة زائفة لما يطلق عليها مسمى “حكومة موحدة ومتماسكة” أمام العالم، فإن الواقع يكشف عن هشاشة بالغة وتصدعات داخلية عميقة تعصف به. إن صمود ما يطلق عليه مسمى “حكومة نتنياهو” الهش حتى اليوم بات أمراً غير مألوف، ويحمل في طياته بذور نهايتها المحتومة. وبالرغم من أن العنوان الأبرز المتوقع لإسقاط هذه المجموعة المشكلة من عصبة من مجرمي الحرب تحت مسمى “حكومة” هو وقف حربها الشعواء على قطاع غزة، وانسحاب الثنائي المتطرف سموتريتش وبن غفير أو حتى أحدهما، إلا أن النظرة الأعمق إلى طبيعة التركيبة التي يتكون منها هذا الكيان تكشف للمراقبين عن لاعب خطير يمكن أن يكون القشة التي تقصم ظهر العصبة الإجرامية المسمى بـ “الائتلاف الحكومي”، بل وتزعزع ذلك التماسك الهش في الشارع الصهيوني برمته: إنه ملف “الأحزاب الحريدية”.
يشكل الحريديون، وهم التيار الديني التقليدي الذي يرى أن وجود هذا الكيان مرتبط بشكل أساسي بمدى التزامه بما يزعم أنها “أحكام التوراة”، نسبة ليست هينة في المجتمع الصهيوني، تزيد على 13% من المجموع الكلي للمغتصبين، وتصل إلى 17% من مجموع اليهود، بعد أن كانت لا تتجاوز 2.6% غداة النكبة. وتتوقع دائرة الإحصاء الصهيونية أن تصل نسبتهم إلى 35% بحلول عام 2059. هذه النسبة المتزايدة تتناسب حالياً مع تمثيلهم في الكنيست، حيث يسيطرون على 18 مقعداً من أصل 120، ممثلين بما يسمى حزبي “شاس” و”يهدوت هتوراه”. تستند ما تسمى بـ “حكومة نتنياهو” إلى أغلبية هشة لا تتجاوز أربعة مقاعد، حيث يحوز ائتلافه 64 مقعداً فقط من أصل 120. وبينما نجد أن معظم الأصوات المطالبة بإسقاط ما تسمى “الحكومة” تنبع من معسكر الصهيونية الدينية، مركزة على ضرورة استمرار الحرب في غزة، تتبنى الأحزاب الحريدية ملفاً مختلفاً تماماً، ألا وهو “منع تجنيد الحريديم” في جيش العدو الإسرائيلي. هذه القضية المحورية قد تدفعهم إلى الانسحاب من الائتلاف إذا فُرض التجنيد، لتكون بذلك الشرارة التي تفجر الكيان المؤقت من الداخل.
الصدام المحتوم.. “التوراة” في مواجهة البندقية
يعود ملف تجنيد الحريديم إلى زمن “ديفيد بن غوريون”، أول رئيس وزراء لكيان العدو، الذي أعفى 400 مغتصب من الحريديم من الخدمة العسكرية الإلزامية. ويرى الحريديون أن وظيفتهم الأساسية في الدنيا هي “قراءة التوراة وتفسيرها”، وهم يؤمنون بأن هذا العمل “مقدس وعظيم لدرجة الإيمان بأنه سبب استمرار الحياة على كوكب الأرض” حسب الحريديين. هذا الاعتقاد يدفع هذه الفئة إلى رؤية أنها لا تدين لكيان الاحتلال بأي فضل، بل إنها ترى لها الفضل في استمرار الحياة في كيان الاحتلال ونجاة جيشه في حروبه، ولا سيما في العدوان الحالي على غزة والضفة. وقد أشار الحاخام الأكبر لطائفة “السفارديم الشرقيين”، يتسحاق يوسف، إلى ذلك بقوله الشهير: “من دون المدارس الدينية لم يكن الجيش لينجح، فالجنود لم ينجحوا إلا بفضل أهل التوراة”. وهذا الحاخام نفسه هو الذي هدد بمغادرة أبناء طائفته جميعاً كيان الاحتلال إلى غير رجعة في حال فرض التجنيد الإجباري عليهم.
لقد استفاد أتباع التيار الحريدي كثيراً من وصول الليكود إلى الحكم في الكيان، ذلك أن الليكود كان دائماً حريصاً على إرضائهم؛ كسباً لدعمهم في الانتخابات وتشكيل حكوماته المتعاقبة. ويرى هؤلاء الحريديون أن دخولهم جيش العدو يمكن أن يؤثر في عقيدتهم، لأنهم لا يرون في “العلمانيين الإسرائيليين” أكثر من مجموعة من “الكفار الذين يتكلمون العبرية”، فهم يحتقرونهم. وقد بدا ذلك في أكثر من موقف، منها على سبيل المثال ما فعله ما يسمى بوزير الإسكان في عصابة مجرم الحرب نتنياهو عن حزب “يهدوت هتوراه” يتسحاق غولدكنوبف، الذي أشعل أزمة العام الماضي عندما ظهر في فيديو يرقص مع عدد من أنصاره وهم يهتفون “نموت ولا نتجند، ولا نقبل بحكم الكفار”، في إشارة إلى العلمانيين في تشكيلة عصابة كيان الاحتلال.
شرخ يتسع.. بذور التفكك الداخلي
في عام 2015، نجح اليمين الصهيوني في تمرير قانون فيما يسمى بـ”الكنيست” يعفي الحريديم من التجنيد الإجباري في جيش العدو، ولكن محكمة الصهاينة العليا تدخلت وألغت هذا القانون تحت بند المساواة، وأمرت بإيجاد تشريع لا يتضمن إعفاء الحريديم، وكانت تلك بداية الأزمة الفعلية التي تفاقمت في ظل العدوان الصهيوني الحالي على غزة والضفة، الذي أتعب جيش العدو المحتل واضطره لاستدعاء الاحتياط لتعويض النقص الحاد في الجنود. وبالرغم من ذلك لم تحل المشكلة، ما أدى إلى تصاعد الأصوات العلمانية التي تطالب بتجنيد الحريديم إجبارياً كما نص قرار “المحكمة العليا”.
وبما أن غالبية الأصوات المنادية بتجنيد الحريديم هم من العلمانيين يساراً ويميناً، فإن الأحزاب الحريدية عادت لتراها وكأنها معركة بين “أنصار التوراة وأنصار الهرطقة”، أو بين “النور والظلام”، وبالتالي تتصاعد صيحات الاستهجان لديهم؛ رفضاً للانصياع لرأي هؤلاء الذين يريدون منهم ترك “دراسة التوراة” والاختلاط بهم في “الجيش”، بما يؤدي لما يسمونه “نسيان التوراة والانحراف عن الشريعة”. في المقابل، تتصاعد بين العلمانيين سواء من اليساريين أو اليمينيين في الكيان دعوات الضغط على الحريديم للتجنيد أسوة بغيرهم. وحجتهم هي عدم منطقية أن يدفع الجنود حياتهم ثمناً للدفاع عن مجموعة من “المتدينين” الذين لا يقدمون شيئاً للمجتمع الصهيوني ولا يدافعون عنه، بل ويحتقرونه. وهذا الانقسام الذي نزل إلى الشارع ينذر الآن بمزيد من التشظي لدى الداخل الصهيوني برمته.
إن الطبيعة الحادة لتصريحات قادة الحريديم هي التي تزيد الهوة اتساعاً بين الطرفين، فإعلان أن “الموت على يد العرب خير من التجنيد في الجيش”، وأنه “من الأفضل أكل لحم الخنزير على الوجود في مجتمع علماني وفكر علماني”، وإعلان بعض رموزهم أنه “لا يوجد ثقافة مشتركة بين الإسرائيليين العلمانيين والحريديم”، إلى غير ذلك من التصريحات التي تنقلها وسائل الإعلام الصهيونية من حين لآخر، كل هذا يشي بأنه لا توجد أرضية مشتركة بين الحريديم والعلمانيين على اختلاف مشاربهم وأفكارهم. وهذا يعني أن الأزمة التي تتصاعد حالياً بين الطرفين تنذر بأن تتوسع في الشارع الإسرائيلي، ولا تكتفي فقط بأن تكون في أروقة ما يسمى بـ”الحكومة والكنيست”.
إذن، فأزمة الحريديم بعيدة عن الحل في ظل النظرة الاستعلائية التي ينظر بها كل طرف إلى الآخر، وهي مرشحة للتفاقم في الفترة القادمة، فالجيش يحتاج أوامر التجنيد الإجبارية، ونتنياهو يواجه عقبات من داخل ائتلافه ضد فكرة تشريع قانون يعفي الحريديم من الخدمة الإلزامية في الجيش، استجابة لمطالب حزبي شاس ويهدوت هتوراه في ظل معارضة المحكمة العليا، ومعارضة الغالبية العظمى من الشارع الصهيوني (70%) لهذا الإعفاء.
نهاية الوهم وبزوغ الفتح
السؤال المطروح هنا ليس إلى أي مدى يمكن أن تتسع أزمة الحريديم، بل إلى أي مدى ستسرع هذه الأزمة في انهيار الكيان؟ إن الغالبية العظمى من آراء المحللين في هذا الشأن تقف في إجابة هذا السؤال عند احتمالية إسقاط “عصابة النتنياهو” في حال انسحاب الحريديم منها، ولكني أرى أن هناك أبعاداً أعمق بكثير من مجرد إسقاط عصابة الكيان الإجرامية المسماة بـ”حكومة نتنياهو”.
فالشارع الصهيوني لم يكن يوماً منقسماً على نفسه كما هو اليوم. ففي الوقت الذي يُهاجم فيه المنضوون تحت ألوية جيش الاحتلال من طلبة المدارس الدينية الحريدية، بزعم أن الجنود ليسوا ملزمين بالتضحية بدمائهم لأجل حفنة من الطلبة الذين لا يعملون شيئاً غير الدراسة والحديث في “الأحكام الفقهية”، يُصَعِّد الحريديم لهجتهم ضد نظام الكيان بالكامل، ويتكلمون بوضوح عن ضلال المجتمع الصهيوني من خارج الحريديم، أي ضلال أكثر من 80% من سكان هذا الكيان من اليهود لا من العرب!
وبالتالي فإن الرفض المتبادل يمكن أن يؤدي فعلياً إلى الاشتباك في الشارع واندلاع أعمال عنف من شأنها أن تؤدي إلى اضطرابات أكبر بكثير من كل ما يتخيله الطرفان. عندما يهدد زعيم السفارديم بمغادرة الكيان فإنه يعلن بذلك كفره بما تسمى “المواطَنة” الصهيونية وبفكرة ما يقول عنه الصهاينة “الوطن القومي لليهود”، وهو بذلك يعلن بوضوح عدم ارتباطه وأتباعه بالمشروع الصهيوني ولا اقتناعهم بإمكانية بقاء الكيان أو حتى الانتماء إليه، وبذلك فإنه يزرع في الكيان بذور التفتت والتآكل الداخلي الذي يخشاه المحللون الصهاينة جميعاً، ويتوقعونه في نفس الوقت.
إنها بشائر النهاية، التي تلوح في الأفق، وتتأكد مع كل تصدع داخلي في الكيان، ومع كل صاروخ يماني يثقب وهم قوته. فهل أدرك العدو أن ساعته قد دنت؟ إنها ساعة الفتح الموعود، ساعة الجهاد المقدس، ساعة التحرير الأكبر التي ستنهي تاريخاً ملطخاً بالدماء، وتبدأ فصلاً جديداً من العز والكرامة للأمة.