صنعاء تصوغ هندسة الردع الجديدة بلا تحالفات ولا غطاء دولي
يمني برس | في تطور غير مسبوق للمشهد الإقليمي، لم تعد صنعاء طرفا متضامنا او مؤيدا، بل اصبحت مصدر تهديد مباشر لمنظومة الامن الحيوي داخل كيان العدو الصهيوني، حيث عطلت حركة مطار اللد المسمى صهيونيا “بن غوريون”، واربت النظام الدفاعي الجوي الاكثر تطورا في المنطقة.
قدّم الخبير العسكري العميد عبد الغني الزبيدي تحليلا عبر قناة “المسيرة”، اليوم الخميس، وصف فيه ما يحدث بانه تحول استراتيجي يتجاوز مجرد استهداف صاروخي، اذ باتت اليمن تصوغ قواعد الاشتباك خارج حدودها الجغرافية.
المسألة لا تتعلق بصاروخ فقط، بل بما يكشفه مجرد الحديث عنه من اختراق للوعي الامني لدى الكيان، فقرار وقف الطيران في واحد من اكثر المطارات تحصينا، بناء على معلومة قد تكون مقصودة من اليمن، يعني ان صنعاء اصبحت تمسك بخيوط المزاج الامني والسياسي داخل عمق العدو، من مسافة آلاف الكيلومترات.
بحسب الزبيدي، فإن المعلومة ذاتها باتت اداة ردع، والقرار العسكري في الكيان اصبح مرهونا برسائل يمنية مبطنة، وليس فقط بتقديرات ميدانية خالصة.
لا تحتاج صنعاء الى تفجير او بيان، يكفي ان تعلن “نحن هنا”، فتتوقف مطارات، وتُعدل مسارات طيران، وتلغي شركات الطيران رحلاتها او تمدد تعليقها.
اوضح الزبيدي ان ما يجري يمثل نموذجا جديدا من الردع السيادي، اذ تخوض اليمن معركتها خارج التحالفات التقليدية، ومن دون مظلات دولية، وتغير مسار المواجهة عبر ادوات ذكية واستنزاف نفسي ناجع.
اضاف ان اليمن لا يراهن على الفعل العسكري وحده، بل يدير معركته بنفس استراتيجي طويل، في سياق ما يمكن تسميته “مناعة الردع المستدام”، حيث يُفرض الثمن السياسي والاقتصادي والامني على الكيان، حتى دون اطلاق نار.
صنعاء تهدد، والكيان يغيّر سلوكه على الفور، مما يظهر ان الجغرافيا لم تعد هي التي تصنع التهديد، بل الارادة والقدرة على فرض التوقيت.
كشف العميد الزبيدي ان كيان العدو الصهيوني يتعامل بجديّة مفرطة مع اي معلومات تشير الى تهديدات صاروخية مصدرها اليمن، حتى لو كانت مضللة او منقولة عبر اطراف ثالثة، مما يدل على عمق الخوف الذي يسكن المؤسسة الامنية في الكيان، ويؤدي الى استنفار واسع لدفاعاته الجوية، وهو ما يعكس نجاح الضغط النفسي اليمني.
اشار ايضا الى ان القوات المسلحة اليمنية اثبتت مؤخرا قدرتها على تنفيذ عمليات دقيقة وفعالة، الامر الذي جعل العدو يدرك ان “المقاتل اليمني يتقن هذا النوع من الحروب”، سواء كانت نفسية او عمليات عسكرية مباشرة. توقف حركة الملاحة في مطار اللد بسبب معلومة واحدة حول صاروخ، يعتبر دليلا على ان الكيان يصدق كل ما يصدر من اليمن ويتعامل معه على انه تهديد جاد، مما يؤثر في الاقتصاد وحركة النقل، اضافة الى الصدمة النفسية لدى المستوطنين.
اردف الزبيدي ان تنفيذ ثلاث عمليات عسكرية يمنية خلال 24 ساعة، يعزز قلق شركات الطيران ويدفعها لاتخاذ اجراءات وقائية، تعكس اثر التهديدات اليمنية المتزايد.
اكد الزبيدي ان موقف اليمن تجاه غزة “مشرف”، ويرفع “مكانة اليمنيين” في وقت يشهد “تخاذلا عربيا واسلاميا غير مسبوق”.
لفت الى ان هذا الموقف الذي اشادت به فصائل المقاومة، وعلى رأسها كتائب القسام، يمثل “فعلا عظيما” يسهم في كسر ارادة المحتل واعادة بوصلة الصراع الى اتجاهها الصحيح.
اوضح ان اليمن بات اليوم “فاعلا استراتيجيا مهما” في المشهد الاقليمي، مشيرا الى ان مراكز الدراسات العالمية، بما فيها الامريكية، تدرك تماما ان “الدولة اليمنية تسيطر على باب المندب بفاعلية”.
انتقد الزبيدي بعض وسائل الاعلام العربية التي لا تزال تقدم صورة غير دقيقة عن اليمن، رغم ان كيان العدو والولايات المتحدة يدركان تماما “قيمة هذه القوة”.
اعرب الزبيدي في ختام حديثه عن فخره بالانتماء الى اليمن، مشددا على ان اليمنيين اثبتوا قدرتهم على مواجهة قوى الاستكبار بكفاءة.