المنبر الاعلامي الحر

الحصول على المياه.. معركة يومية أخرى يخوضها الناس في غزة

الحصول على المياه.. معركة يومية أخرى يخوضها الناس في غزة

يمني برس ـ تقرير

أتت حرب الإبادة الصهيونية المتواصلة على قطاع غزة للشهر العشرين على التوالي، على مناحي الحياة في قطاع غزة كافة، وباتت معارك الحياة التي يخوضها الغزي لا تعد ولا تحصى.

فمنذ أن يفتح الغزي عينيه صباحاً تحت القصف والحرب والحصار، وصولاً إلى وقت النوم مساء، وهو يحارب من أجل أن يحصل على أساسيات حياته من مأكل ومشرب وعلاج وغيره.

ولعل معركة الحصول على المياه الصالحة للاستعمال، علاوة على المياه الصالحة للشرب، تعد واحدة من أصعب المعارك اليومية التي يخوضها الناس هنا في قطاع غزة، فالمياه التي تعد عصبا رئيسيا للحياة البشرية باتت عذاباً يومياً يتجرعه الفلسطيني في غزة سواء ذلك الذي يعيش في الخيام ومخيمات النزوح، أو حتى أولئك الذين يعيشون فيما تبقى من منازل وبيوت.

معركة يومية

“أبو عزيز” رجل ستيني، من سكان مدينة رفح، نازح اليوم وعائلته في خيمة بالمناطق الغربية لمدينة دير البلح، يخوض معركة يومية للحصول على المياه الصالحة للاستعمال، ومعركة أشد ضراوة للحصول على المياه الصالحة للشرب وصناعة الطعام.

“كانت سيارات المياه العذبة تصل إلى المخيم بشكل شبه يومي بانتظام في الفترة السابقة، وخاصة خلال فترة التهدئة، لكن وبعد عودة الحرب، واشتداد الحصار بتنا نراها بشكل غير منتظم، وهو ما يحرمنا من المياه العذبة وحتى تلك الصالحة للاستخدام”، يقول “أبو عزيز”.

يؤكد “أبو عزيز” أن المياه أمر لا يمكن الاستغناء عنه، وتستحيل الحياة بدونها، ويصف نقصها وصعوبة الحصول عليها بـ”الحرب الأخرى” التي يعيشونها بشكل يومي، علاوة على ما يعانوه من نقص في كل مناحي الحياة، والقتل المتواصل بحمم الموت التي لا تتوقف.

وليس النازحون ومن يعيشون في الخيام وحدهم فقط من يعانون من نقص المياه، بل حتى أولئك الذين يعيشون فيما تبقى من منازل، خاصة بعد إعلان غالبية بلديات قطاع غزة عن تقليص ساعات وأيام وصول المياه إلى المنازل بسبب نقص كميات الوقود نتيجة الإغلاق الشامل لمعابر قطاع غزة منذ الثاني من مارس 2025 المنصرم.

أزمة سبقت الحرب

سلطة المياه الفلسطينية، في تقرير نشرته قبل الحرب الصهيونية على قطاع غزة، قالت إن مشكلة المياه في قطاع غزة تعد مشكلة مركبة ومعقدة تتداخل فيها الأوضاع السياسية والاحتلال الإسرائيلي المتواصل منذ 57 عاماً، بالإضافة إلى الحصار الإسرائيلي لأكثر من 17 عاماً، والازدياد المتسارع في عدد السكان ومحدودية الموارد.

وبينت أن كل هذه الأسباب أدت إلى التدهور الحاد في قطاع المياه، وتأخير تنفيذ العديد من المشاريع، وعلى رأسها مشروع إنشاء محطة تحلية مياه البحر المركزية في غزة.

وشددت أن الاحتلال سيطر على الموارد المائية ومصادر المياه في الأراضي الفلسطينية، وخصوصاً في قطاع غزة، منذ الاحتلال سنة 1967.

وبحسب تقارير رسمية نشرتها سلطة المياه، فإن الخزّان الجوفي يعتبر المصدر شبه الوحيد الذي تعتمد عليه غالبية سكان قطاع غزة، في الحصول على قرابة 94% من احتياجهم الكلي من المياه.

ووفق تقارير ومعطيات رسمية رصدت الواقع المائي قبل اشتعال نيران حرب الإبادة، فإن 97% من المياه الجوفية في قطاع غزة غير صالحة للشرب، وكان الفلسطينيون يحصلون على 82 لتراً للشخص الواحد يومياً، وهي أقل من الكمية اليومية الموصى بها من جانب منظمة الصحة العالمية، والتي ينبغي ألاّ تقل عن 100 لتر للشخص الواحد.

حرب على المياه

أظهرت تقارير منظمة أوكسفام الدولية أن نسبة الفرد من مياه الاستخدام والشرب تناقصت بصورة حادة، وبنسبة 94%، إذ كانت حصة الفرد من المياه قبل تشرين الأول/أكتوبر الماضي في قطاع غزة نحو 82 لتراً للشخص الواحد، بينما الآن لا تتعدى 5 لترات للشخص الواحد.

وكشف تقرير أممي نشر في حزيران 2024، لتقييم الأضرار في البنية التحتية والمياه، أن71% من محطات تحلية المياه المالحة البلدية، والتي تعتمد على آبار الخزان الجوفي، تم تدميرها (100% في شمال غزة، و100% في مدينة غزة، و81% في خان يونس).

وبين التقرير أن 69% من إجمالي آبار إنتاج المياه تم تدميرها (78% في شمال غزة، و88% في مدينة غزة، و79% في خان يونس).

وأوضح أن 66% من إجمالي خزانات المياه تم تدميرها (100% في شمال غزة، و89% في مدينة غزة، و76% في خان يونس).

وكشف التقرير أن 33% من محطات تحلية مياه البحر تم تدميرها (100% في مدينة غزة)، إذ أن هذه المحطة تقع على ساحل شمال غزة، وكانت تنتج نحو 10,000 متر مكعب يومياً.

وأظهر تحليل أجرته منظمة أوكسفام لإنتاج المياه داخل غزة وإمدادات الوقود بين 16 فبراير و26 مايو 2024 (100 يوم) أنه نتيجة الدمار ونقص الوقود، انخفض إنتاج المياه في جميع أنحاء قطاع غزة بنسبة 84%.

وقالت سلطة المياه الفلسطينية في معطيات جديدة ، نشرت اليوم السبت، إن 85% من منشآت المياه والصرف الصحي في القطاع تعرّضت لأضرار جسيمة، كما انخفضت كميات استخراج المياه بنسبة 70-80%.

وبينت أن معدل استهلاك الفرد من المياه إلى ما بين 3 و5 لترات يوميًا، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى الذي توصي به منظمة الصحة العالمية في حالات الطوارئ.

وأوضحت أن تصريف المياه العادمة في المناطق السكنية وامتلاء أحواض الأمطار بها، يهدد بتفشي الأمراض في ظل اضطرار السكان لاستخدام مياه مالحة وغير صالحة للشرب.

وشددت أن هذه السياسات الإسرائيلية تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني، بما يشمل اتفاقية جنيف الرابعة، واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، ونظام روما الأساسي.

وطالبت سلطة المياه المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لوقف العدوان، ورفع الحصار، وتوفير الحماية للكوادر الفنية، إلى جانب دعم جهود الحكومة الفلسطينية في التدخلات الطارئة وخطط التعافي.

ودعت المجتمع الدولي إلى الوقف الفوري للعدوان وإنهاء الممارسات المنهجية للاحتلال، ورفع الحصار لتمكين إدخال مستلزمات المياه والصرف الصحي، وتوفير الحماية العاجلة للعاملين في قطاع المياه.

 

المصدر ـ  المركز الفلسطيني للإعلام

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com