المنبر الاعلامي الحر

على بوصلة غزة ودرع البحر الأحمر.. اليمن تفرض واقعاً جديداً في الإقليم!

على بوصلة غزة ودرع البحر الأحمر.. اليمن تفرض واقعاً جديداً في الإقليم!

يمني برس | تقرير
تقف اليمن اليوم، بقيادتها السياسية والعسكرية، كصانع لاستراتيجية مواجهة متفردة، تنسج خيوطها بدقة بين واقعية مدروسة وردع محكم. استراتيجية لا تحكي سيناريو قصة سياسة تبحث عن التصعيد لذاته، وإنما تمارس دوراً مسؤولاً في مياه البحر وأجواء السماء، وفي الوقت ذاته، لا تتوانى لحظة عن الرد بقوة وصمود على كل تهديد يأتِ من العدو الصهيوني أو من أي طرف يشد أزره. ما تشهده صنعاء اليوم تجاوز مرحلة إعلان المواقف وإصدار البيانات إلى مراحل ترسم فيها، بدمغة من فولاذ، قواعد جديدة للمواجهة مع العدو الصهيوني وداعميه الدوليين، وحيث تفرض اليمن حضورها كرقم لا يمكن تجاوزه في أي معادلة تمس أمن البحر الأحمر أو معركة تحرير فلسطين المقدسة.

الواقعية المدروسة.. بوصلة الحكمة في زمن العواصف
في أصول هذه الاستراتيجية، تكمن واقعية متجذرة، تتجلى في حرص اليمن على تجنيب المنطقة والملاحة الدولية أي تصعيد لا مبرر له، مع الحفاظ على حقها المشروع في الدفاع والرد من خلال:
1. حماية الممرات الدولية.. التزام راسخ وقدرة حاسمة: وهنا، يصدح صوت الرئيس المشاط مؤكداً قدرة القوات المسلحة اليمنية على التعامل مع طائرات العدو الصهيوني “بدون أي ضرر في الملاحة الجوية والبحرية”. تعهد سيادي بحماية الممرات الحيوية، مع إرسال رسالة واضحة بأن سماء اليمن وبحرها ليسا ساحة مفتوحة للعدوان. إن تحديد مسارات العدو كمناطق خطرة للشركات الملاحية ليس فعلاً عشوائياً، بل هو إجراء وقائي، يهدف إلى تجنيب المدنيين والملاحة التجارية ويلات صراع مفروض، ويعكس حرصاً بالغاً على السلامة في خضم المواجهة.
2. دبلوماسية الردع.. التنسيق الحكيم مع القوى العظمى: وفي مشهد يندر حدوثه، يكشف عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي عن تواصل مسبق مع الجانب البريطاني بشأن عبور حاملة الطائرات HMS Queen Elizabeth. إن موافقة صنعاء على مرور السفينة، بشروط واضحة تمنع أي عمليات قتالية أو عدائية تعترض مهام الإسناد اليمني لغزة، يمثل قمة في الدبلوماسية الحكيمة. إنه يؤكد أن اليمن لا تسعى للمواجهة مع القوى الدولية إلا في سياق الدفاع عن قضايا الأمة، ويعكس سياسة مسؤولة تهدف إلى احتواء التوترات وتجنب الانزلاق نحو اشتباكات لا تخدم القضية الأساسية.
3. الهدف الاستراتيجي.. غزة هي البوصلة: تتكرر على ألسنة القيادة اليمنية عبارة “لن نتراجع عن قرارنا المساند لغزة حتى وقف العدوان ورفع الحصار”. على أن هذه بوصلة استراتيجية تحدد مسار العمليات العسكرية والسياسية، وتمنع أي انحراف عن الهدف الأسمى: نصرة الشعب الفلسطيني. وضوح في الرؤية يمنح السياسة اليمنية قوة وثباتاً في وجه التحديات.
الردع المحكم.. صياغة قواعد اشتباك جديدة
تحمل تصريحات القيادة اليمنية في طياتها قوة الردع التي لا تلين، مؤكدة على قدرة اليمن على قلب الطاولة وفرض قواعد جديدة للمواجهة منها:
1. قدرات عسكرية متطورة.. كابوس للعدو: يعد كشف الرئيس المشاط عن “أخبار سارة” قادمة بشأن طائرات العدو الصهيوني، وتأكيده أن الدفاعات الجوية اليمنية “ستجعل فخر طائرات العدو الصهيوني في الأيام القادمة مصدرًا للسخرية”، إعلاناً عن قفزة نوعية في القدرات الدفاعية. ليس تهديداً على الاطلاق، وإنما وعد قاطع بأن سماء اليمن لن تكون، بعد اليوم، مسرحاً سهلاً للطائرات المعادية، بما في ذلك طائرات الـ (إف 35) المتطورة، التي ستجد نفسها أمام دفاعات جوية قادرة على تحويل فخرها إلى سخرية.
2. العمق الصهيوني.. في مرمى الصواريخ اليمنية: بصوت يزلزل أركان الكيان، يخاطب الرئيس المشاط المجرم نتنياهو: “لن تستطيع أن تحمي قطعان الصهاينة من صواريخنا”. إن تحذير الشركات العالمية من الاستمرار في الرحلات إلى مطار “بن غوريون” لأنه “معرض للخطورة في أي لحظة”، يفوق كونه تحذيراً، ليعلن عن أن العمق الصهيوني لم يعد بمنأى عن الضربات اليمنية. إن الصواريخ اليمنية، التي “قادرة على الوصول إلى هدفها”، تحول الملاجئ إلى أقفاص، وتجعل كل صهيوني “يتحسس رأسه تحسباً لسقوطها”.
3. الرؤوس الحربية المتعددة.. كابوس يتجدد: تأتي التفاصيل الحساسة التي كشفها مصدر بوزارة الدفاع لتزيد من حجم الصدمة: “صواريخنا مصممة برؤوس حربية متعددة، وفي حال اعتراضها، تنقسم لتصيب أهدافًا أكثر، مما يفقد منظومات العدو فاعليتها الدفاعية”. هذا التطور الاستراتيجي في القدرات الصاروخية اليمنية يمثل كابوساً حقيقياً لأنظمة الدفاع الصهيونية، ويؤكد أن اليمن تمتلك أوراق قوة قادرة على تغيير موازين الردع.
4. الضغط الاقتصادي.. خنق شرايين العدو: إن دعوة وزارة الدفاع للمستثمرين والشركات الأجنبية العاملة داخل الكيان الصهيوني إلى “سرعة المغادرة، لأن البيئة لن تكون آمنة”، يمثل ضغطاً اقتصادياً مباشراً ومؤلماً. إنه يؤكد أن العمليات اليمنية لا تستهدف الجانب العسكري فقط، بل تسعى لشل الحياة الطبيعية والاقتصادية للعدو، وتحويل أرضه المحتلة إلى بيئة طاردة للاستثمار والحياة.

اليمن.. الرقم الصعب في معادلات الصراع الإقليمي
إن ما تفعله صنعاء اليوم يرسم بوضوح ملامح لاعب إقليمي جديد، لا يمكن تجاوزه:
1. السيادة البحرية.. إعادة تعريف أمن البحر الأحمر: لم يعد البحر الأحمر، بفضل الموقف اليمني، “ساحة مفتوحة للتحركات العدائية ضد قضايا الأمة”. إن ممارسة صنعاء لدور فاعل في ضبط الأمن البحري وفرض شروطها على القوى الأجنبية، كما حدث مع حاملة الطائرات البريطانية، يؤكد على تغير جذري في معادلات السيادة البحرية. لقد أصبحت اليمن لاعباً رئيسياً لا غنى عنه في تأمين هذا الممر الملاحي الحيوي.
2. محورية اليمن.. قلب معركة تحرير فلسطين: إن ربط وقف العمليات العسكرية اليمنية ضد الكيان الصهيوني بـ “وقف العدوان ورفع الحصار عن أهلنا في غزة”، يضع اليمن في قلب معركة تحرير فلسطين. لقد أصبحت صنعاء جزءاً لا يتجزأ من محور المقاومة، ولا يمكن لأي تسوية مستقبلية للقضية الفلسطينية أن تتجاهل دورها المتعاظم. إن الدعم الكامل للمقاومة الفلسطينية بكل الوسائل والإمكانات يجعل اليمن قوة مؤثرة في موازين القوى الإقليمية.
3. تغيير قواعد الاشتباك.. من متلقٍ إلى فاعل: إن استمرار وتصاعد العمليات العسكرية اليمنية ضد مواقع داخل الكيان الصهيوني، في إطار “الرد المشروع على العدوان الصهيوني ضد أبناء غزة والعدوان على صنعاء”، يثبت أن اليمن قد فرضت قواعد اشتباك جديدة. لم تعد صنعاء مجرد متلقٍ للعدوان، بل أصبحت طرفاً فاعلاً يمتلك زمام المبادرة في الرد على أي اعتداء، ويفرض إيقاعه الخاص على ساحة الصراع.

“صيف ساخن”.. استراتيجية الضغط الذي لا يتوقف
تختتم تصريحات الرئيس المشاط بعبارة مدوية: “إن على الصهاينة انتظار صيف ساخن”. هذه العبارة ليست مجرد تهديد عابر، بل هي إشارة إلى استراتيجية يمنية محكمة، تهدف إلى تصعيد الضغط على الكيان الصهيوني بشكل مستمر وممنهج، حتى يرضخ لمطالب المقاومة:
• تصعيد العمليات العسكرية: توقعات بتكثيف الهجمات اليمنية ضد مواقع العدو، لتحويل “الصيف” إلى جحيم لا يطاق.
• خنق اقتصادي متواصل: المزيد من التحذيرات للمستثمرين والشركات، وربما فرض عقوبات صارمة على من يستمر في دعم الكيان، لتضييق الخناق الاقتصادي.
• مفاجآت عسكرية متتالية: استمرار الكشف عن قدرات عسكرية جديدة وغير متوقعة، تزيد من ألم العدو وتفقده الشعور بالأمان، وتجعله يعيش في ترقب دائم للمجهول.
إن هذه الاستراتيجية تهدف إلى إطالة أمد مكوث “قطعان الصهاينة” داخل الملاجئ، وجعل حياتهم غير آمنة، مما يدفعهم للضغط على حكومتهم لوقف العدوان ورفع الحصار.
الخلاصة:
تقف اليمن اليوم، بقيادتها الحكيمة والشجاعة، كنموذج فريد في التعامل مع التحديات الإقليمية. تمارس سياسة تجمع بين الواقعية المدروسة التي تحرص على عدم الانجرار إلى تصعيد غير مسؤول، والردع المحكم الذي يؤكد على امتلاكها قدرات عسكرية قادرة على تغيير موازين القوى. إن ما تفعله صنعاء اليوم هو رسم لمستقبل جديد للمنطقة، حيث تصبح اليمن لاعباً أساسياً لا يمكن تجاوزه في أمن البحر الأحمر ومعركة تحرير فلسطين. إن “الصيف الساخن” الذي توعدت به القيادة اليمنية هو استمرار لسياسة الضغط الممنهج، وتأكيد على أن اليمن لن تتراجع عن موقفها المبدئي حتى تحقيق النصر الكامل.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com